قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي) قال القاضي: قيل معناه أنا معه بالغفران إذا ظنَّه حين يستغفر، وبالقبول إذا ظنه حين يتوب، وبالإِجابة إذا ظنها حين يدعو، وبالكفاية إذا ظنها حين يستكفي لأن هذه صفات لا تظهر إلَّا إذا حسَّن ظنَّه بالله تعالى اه. قال الطبري: وكذا تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إيَّاه ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة".

قال القرطبي: قيل معناه ظن الإجابة عند الدعاء وظن القبول عند التوبة وظن المغفرة عند الاستغفار وظن قبول الأعمال عند فعلها على شروطها تمسكًا بصادق وعده وجزيل فضله.

[قلت]: ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" رواه الترمذي [3474] وكذلك ينبغي للتائب والمستغفر وللعامل أن يجتهد في القيام بما عليه من ذلك موقنًا أن الله تعالى يقبل عمله ويغفر ذنبه فإن الله تعالى قد وعد بقبول التوبة الصادقة والأعمال الصالحة، فأما لو عمل هذه الأعمال وهو يعتقد أو يظن أن الله تعالى لا يقبلها وأنها لا تنفعه فذلك هو القنوط من رحمة الله تعالى واليأس من روح الله وهو من أعظم الكبائر ومن مات على ذلك وصل إلى ما ظن منه كما قد جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث "أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما شاء" رواه أحمد [3/ 491 و 4/ 106] فأما ظن المغفرة والرحمة مع الإصرار على المعصية فذاك محض الجهل والعزة وهو يجر إلى مذهب المرجئة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله" رواه الترمذي [2461] والظن: تغليب أحد المجوزين بسبب يقتضي التغليبَ فلو خلا عن السبب المُغلِّب لم يكن ظنًا بل عزة وتمنيًا، وقد تقدم في الجنائز الكلام على قوله: "لا يموتن أحدكم إلَّا وهو يحسّن الظن بالله" رواه مسلم [2877]، وأبو داود [3113].

قال الحافظ: قوله: (أنا عند ظن عبدي بي) أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به، وقال الكرماني: وفي السياق إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف وكأنه أخذه من جهة التسوية فإن العاقل إذا سمع ذلك لا يعدل إلى ظن إيقاع الوعيد وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015