لما قدمنا من رغبته وإظهارًا لما في قلبه من أن الباقي في يده لا يعلمونه من ملكه إنما هو من مال المسلمين، وكان في تصرفه نيابة عنهم حتى يعمل فيه لهم ولأن النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، لما كانوا أحياء فلا معنى لتوريث الأحياء منهم، وأما خطابه تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} فلغير النبي صلى الله عليه وسلم رجوعًا إلى الجمع بين الآية والرواية، وأما الحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة فقد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه منه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأكثر أزواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أفلا ترى هذه الرواية تواترت أو بلغت حد الاشتهار مع اتفاق هؤلاء الفحول الجلة الكبار ثم اختلاف هؤلاء فيما بينهم بعد اتفاقهم على الرواية إنما كان مبنيًا على الاختلاف في معنى الحديث فأخذه علي وفاطمة وغيرهما من طالبي الميراث على كون ما فيه خاصًا بالمنقولات لا على عمومه، وفهم غيرهم ممن منعه على أصلها (?) على العموم ثم إن مطالبة علي وعمر بعد مطالبته أبا بكر ويأسه منه مشكل لأنه لما فهم من لفظ ما خصوصية المنقولات ورده أبو بكر كان عليه التسليم وترك المطالبة ثانيًا من عمر والجواب أنه رفع الأمر إلى عمر رجاءًا منه أن يكون عمر يوافق مذهبه مذهب علي في كون لفظة ما ليس على عمومه وبهذا يخرج الجواب عما يرد على علي رضي الله عنه أنه كيف طلب الميراث مع كونه سمع الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

باب في الطيرة

[باب في الطيرة (?)] قوله [ولكن الله يذهبه بالتوكل] بينه صاحب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015