ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِى فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ». طرفه 238

ـــــــــــــــــــــــــــــ

زمانًا، والسابقون يوم القيامة في الحساب ودخول الجنة، وفي رواية مسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم بين الخلائق". و (بَيْدَ) -بفتح الموحدة وسكون المثناة- بمعنى غير، والضمير في (أوتوا) لأهل الكتاب، وإن لم يجر لهم ذكر؛ لدلالة المقام عليهم.

(ثم هذا اليوم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه) قيل: أُمروا باختيار يوم على الإجمال؛ فقالت اليهود: السبت أولى بذلك؛ لأنّ الله تعالى لم يخلق فيه شيئًا فهو للراحة وأولى بالتعظيم، وقد عموا ولم يدروا أنه خال.

واختارت النصارى يوم الأحد؛ لأنه بُدِئ فيه الخلق، ولم يدروا أن آدم الذي هو الكون الجامع، والذي خلق له ما في الأرض جميعًا قد خلق في الجمعة، وآدمُ إنما خلق للعبادة، فكان خليقًا بالاختيار للقرب إليه تعالى.

وقيل: بل عيّن لهم موسى يوم الجمعة فتركوه عنادًا. وظاهر الحديث يدل على الأول؛ لقوله: (فهَدانا الله له؛ فاليهود غدًا) أي: اليهود تعظم غدًا (والنصارى بعد غد) وإنما نكر "غدًا" لأنه لم يرد به يومًا معنيًا؛ بل ما من شأنه أن يكون غدًا إلى يوم القيامة.

وفي لفظ: "هدانا إشارة إلى أنْ لم يكن نصٌّ من الله فيه؛ بل وقع باجتهاد، وقد دل عليه حديث كعب بن مالك: "أن المسلمين ذكروا أن لليهود يومًا، وللنصارى يومًا، فاختاروا يوم العروبة، فجمع بهم أسعد بن زرارة قبل مجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وأمَّا رواية الطبراني في "الأوسط": أن جبريل جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفه كالمرآة البيضاء، وفي وسطها كالنكتة السوداء، فقال: "ما هذا [يا] جبريل" قال: هذه الجمعة يعرضها عليك لتكون لك عيدًا ولقومك ولمن بعدك فلا تنافيه؛ لموافقة اجتهادهم الوحي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015