خمس وثلاثين، وهو فقير جدًّا، فأخذ عن شيخنا بقراءته في البخاري، وشرح ألفية العراقي، ولازمه وغيره، وسمع في صحيح مسلم أو كله على الزين الزركشي، ولازم الشرواني كثيرًا.
قال المقريزي، وقرأت عليه صحيح مسلم، والشاطبية، فبلوت منه براعة، وفصاحة، ومعرفة تامة لفنون من العلم ما بين فقه وعربية وقراءات وغيرها.
وأكب على الاشتغال والأشغال، بحيث قرأ على العلاء القلقشندي في الحاوي، ولازم حضور المجالس الكبار، كمجلس قراءة البخاري بحضرة السلطان وغيره، واتصل بالكمال بن البارزي، فنوه به، وبالزيني عبد الباسط، وغيرهم من المباشرين والأمراء، بحيث اشتهر، وناظر الأماثل، وذكر بالطلاقة، والبراعة، والجرأة، الزائدة.
وقال التقي الغزي في الطبقات السنية في تراجم الحنفية:
ذكره الحافظ جلال الدين السيوطي، في كتابه نظم العقيان، في أعيان الأعيان.
كان حنفي المذهب، قرأ ببلاده، وتفقه، ثم ارتحل إلى القاهرة، وقرأ بها القراءات العشر، وسمع الحديث، وأجازه ابن حجر، وغيره.
ثم رحل إلى الديار الرومية، واجتمع بالسلطان مراد خان، فأكرمه، وعظَّمه، وجعله مؤدبًا لولده السلطان محمد، فأقرأه القرآن، وأحسن تأديبه.
ثم إن السلطان محمدًا المذكور لما جلس على سرير المُلك، بعد موت أبيه، عرض الوزارة عليه، فأبى ولم يقبل، وقال: إن من ببابك من الخدم والعبيد، إنما يخدمونك لينالوا الوزارة في آخر أمرهم، فإذا كان الوزير من غيرهم تتغير خواطرهم، ويختل أمر السلطنة، فأعجبه ذلك.
وعرض عليه قضاء العسكر، فقبله، وباشره أحسن مباشرة، وقرب أهل الفضل، وأبعد أهل الجهل.
ثم إن أهل السلطان عزله، وأعطاه قضاء بروسة، وولاية الأوقاف بها، فلم يزل بها ينفذ الأحكام، ويعدل بين الأخصام، إلى أن ورد عليه مرسوم مخالف للشرع الشريف، فحرقه، وعزر من هو بيده.
فلما بلغ السلطان ذلك عزله عن القضاء، ووقع بينهما بسبب ذلك منافرة ووحشة.
فرحل الكوراني إلى الديار المصرية، وكان سُلطانها إذ ذاك الملك الأشرف قايتباي، فأكرمه غاية الإكرام، وأقبل عليه الإقبال التام، وأقام عنده مدة، وهو على نهاية من الإجلال والتعظيم.
ثم إن السلطان محمدًا ندم على ما فعل، وأرسل إلى قايتباي، يلتمس منه إرسالة إليه،