وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ». قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الدِّينَ».
24 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وعُرض عليَّ عمرُ بنُ الخطاب وعليه قميص يجرّه) أي: على الأرض من غاية طوله (قالوا: فما أَوَّلْتَ ذلك) يقال: أوّلْت الشيءَ إذا فَسَّرْتَهُ بما يؤول إليه. وإنما سألوه عن تأويله لأن ظاهره غيرُ مرادٍ قطعًا؛ لأن جَرَّ الثوب على الأرض فعلٌ حرام (قال: الدِّين) أي: أوّلتُ طول ذلك الدينَ الكامل، لأنه ساترُ القبائح كالثوب، ولا يلزم من هذا تفضيلُ عُمر على الصدّيق؛ إذ لم يُذكَر أن الصدّيق كان في أولئك الناس، ولئن سُلّم: ليس في الكلام ما يدلّ على الحصر.
بابٌ: الحياء من الإيمان
الأحسن في الباب هنا: التنوينُ.
فإن قلتَ: قد تقدم أن الحياء شعبةٌ من الإيمان، فلأيّ شيء أعادَهُ؟ قلت: أعاده لاختلاف السند، وزيادة قصة الأنصاري. وهناك كان ذِكْرُه على طريقة جُمل مُعترضة، وهنا على طريق الأصالة دلالةً على عظيم شأنه، كيف لا وقد قال فيه: "الحياءُ خير كلّه".
24 - (سالم بن عبد الله) ابن عمر: التابعي الجليل، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة. قال العراقي: أصحّ أسانيد حديث عمر: الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه (مرّ على رجل من الأنصار) يقال: مرَّ به ومرّ عليه. قال الجوهري: مرَّ عليه وبه إخبار. ومصدرُهُ مَرًّا. يقال: مرَّ مرورًا ومرًّا أي: ذَهَبَ (وهو يعظ أخاه) الوعظُ: النصح إما ترغيبًا أو ترهيبًا.