وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مطلقًا؛ سواء كانت بالقلب وبالجوارح، فيدخُلُ فيه التصديقُ وكلمة التوحيد كما في الرواية الأخرى. "أفضلُها قول لا إله إلا الله" ويُروى بدل ستون سبعون. وفي رواية مسلم من طريق سُهَيل: "سبعون أو بِضْع وستون" على الشك وفي الترمذي وأبي داود من طريق أبي سُهيل: "بِضْعٌ وسبعون" من غير شك. قيل: الأَوْلى الأقلُّ؛ لأنه متفق عليه، وقيل: الأَكثرُ، لأن زيادة الثقة مقبولةٌ. ومن قال: ليس هذا من زيادة الثقة؛ لأنها تكون بزيادة لفظ لا بإبدال لفظٍ بآخر، فقد التُبِسَ عليه؛ لأن ذلك نوعٌ منه. أَلاَ ترى أنّ إرسال راوٍ ووَصْلَ راوٍ آخر، عَدُّوه من زيادة الثقات؟ ذكَرَه ابنُ الصلاح وقال: منهم من قدّم الإرسال مُستدلًا بأنه نوعُ قَدْحٍ كالجرح، فإنه مقدَّم على التعديل. قال: والجواب عنه: أن الجَرْحَ إنما قُدّم لأن فيه زيادةَ العلم، والزيادةُ هنا مع الوَاصِل، وقد تكلف بعضُهم في توجيه "سبع وسبعون شُعبةً" بأن السبع عددٌ كامل، لأن الستة عدد تامّ والسبعةَ كامل؛ لأن بعد التمام ليس إلا الكمال، ورام بعضُهم بيان الحصر بالترديد.
والتحقيق: أن الشارع ليس بصدد ذلك، بل المراد من هذا العدد: الإشارةُ إلى الكثرة. ومن تأمّل في أعمال الحج من الواجبات والسنن والآداب وَجَدَها زيادةً على هذا العدد، فَصَّلها الغزالي في "الإحياء"، وقال الأنصاري في "منازل السائرين" نقلًا عن الكتَّاني: إن بين السالك وبين الوصول ألفَ مقام.
فإن قلتَ: مَن رام الحصر فلعله أراد ضبطَ الأنواع دون الأفراد؟ قلتُ: لو أراد ذلك لم يجعلْ إماطةَ الاْذى عن الطريق أَدْنَاها، لدخوله تحت مطلق دفع الأذى عن الخَلْق.
(والحياء شُعبة من الإيمان) أفرده بالذكر؛ لأنه موضع الالتباس، كما ذكره في إماطة الأذى عن الطريق. أَلاَ ترى إلى ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجلٍ من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال: "دَعْهُ فإن الحياء من الإيمان" وقد اشتهر بين العوام أن الحياء يمنع الرزق.