اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ حَسَرَ الإِزَارَ عَنْ فَخِذِهِ حَتَّى إِنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قَالَ «اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ». قَالَهَا ثَلاَثًا. قَالَ وَخَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ - قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - وَالْخَمِيسُ. يَعْنِى الْجَيْشَ، قَالَ فَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، فَجُمِعَ السَّبْىُ، فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ، أَعْطِنِى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ. قَالَ «اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا أَيضًا من استدلال البُخَارِيّ على أن الفخذ ليس بعورة، والجواب أنَّه وقع نظره عليه من غير قصد.
(الله أكبر خربت خيبر) إخبار، ويحتمل الدعاء، وفيه أن المجاهد إذا أشرف على بلد من بلاد الكفار يستحب له مثل هذا الكلام (قالها ثلاثًا) على دأبه إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا (إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم) ساحة الدار: ما امتد من جوانبه من ساح الماء على الأرض إذا انبسط عليها (فساء صباح المنذرين) خبر أو دعاء.
(وخرج القوم) عطف قصة على أخرى، والقوم هم أهل خيبر (محمَّد) أي: هذا محمَّد (والخميس) فسر الخميس بالجيش، والوجه فيه أن الجيش خمسة أقسام: قلب وميمنة وميسرة والمقدمة والساقة، والرواية فيه الرفع، ويجوز فيه النصب على أنَّه مفعول معه.
(فجمع السبي) بضم الجيم، على بناء المجهول (فجاء دحية) -بكسر الدال وفتحها- دحية بن خليفة الكلبي (فقال يَا نبي الله. أعطني جارية من السبي) أراد أن ينفله (قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي) بضم الحاء وفتح الياء، على وزن المصغر (فجاء رجل إلى النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم - فقال: يَا نبي الله: أعطيت دحية صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير) -بضم القاف على وزن المصغر، والنضير على وزن الفعيل- قبيلتان معروفتان من يهود خيبر، كانوا في الشَّام فدخلوا في العرب ولهم في ذلك قصة، وهم من نسل هارون.
فإن قلت: كيف رجع عنها بعد أن وهبها له؟ قلت: لم تكن هبة، وقد جاء في سائر الروايات أنها وقعت في سهم دحية. وقوله: (خذ جارية) معناه: لك في الغنيمة سهم، فاحتمل من ذلك تلك الجارية، وقد جاء في رواية مسلم: أنَّه اشتراها منه بسبعة رؤوس من السبي، ولا ضرورة في حمل الشراء على المجاز لأنه لو كانت هبة كان له الرجوع وذلك أن من خواصه - صلى الله عليه وسلم - أن موهوبته تحرم على الزوج فضلًا على الجارية.