أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأكّارين" وروَى أبو عُبيد في كتاب "الأموال": "وإلا فلا تحل بين الفلاحين وبين الإسلام" وقيل: هم اليهود والنصارى أصحاب عبد الله بن أريس، وقيل: هم الملوك الذين يَدْعُون إلى المذاهب الفاسدة، ولا يخفى بُعْدُه عن المقام.
فإن قلتَ: كيف يكون عليه إثمُ الغير وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]؟ قلتُ: إثم الإخلال والسبب. ألا ترى أن قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13] هو في أمثال هذا.
(لقد أَمِرَ) بفتح الهمزة وكسر الميم: عَظُمَ (أمرُ ابن أبي كبشة) أي: شأنه. وأبو كبشة هو الحارث بن عبد العزى السعدي، أبو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رضاعًا. وقال ابن قُتَيبة: جده من طرف أمه؛ لأن أمه آمنة بنت وهب وأم وهب قيلة بنت أبي كبشة، أرادوا القدح في نسبه ولم يكن لهم سبيل إلى نسبه المعروف، وقيل: أبو كبشة رجل من خزاعة. فارقَ قومَه في عبادة الأوثان وعَبَدَ الكوكب المسمّى شِعْرى. فشبَّهوه به لانفراده بدين غيرِ دينهم. قال زبير بن بكار: أرادوا مطلق التشبيه لا القدحَ فيه. (يخافه مَلِكُ بني الأصفر) هم الروم. قال ابنُ الأنباري: غَلبت الحبشةُ على الروم فوطئوا نساءَهم، فجاءت أولادُهم صُفرًا بين البياض والسواد. قال إسحاق الحربي: نُسبوا إلى جدهم أصفر بن رُوم بن عيص بن إسحاق بن الناظور -بالمهملة والمعجمة-: حافظُ الكَرْمِ لغةً. (صاحب إيلياء) وإليها نيابةً عن هرقل، قوله: (وهرقلَ) بالفتح مجرور عطفًا على إيلياءَ. والصاحبِ لغةً وعرفًا: من يصاحبُ الشيءَ