أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ». طرفه 6099

4 - بابٌ

قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا) وَ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) وَ (أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ) وَ (مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى

ـــــــــــــــــــــــــــــ

أحدٌ أصبرُ على أذىً سمعت من الله) الصبر: حبس النفس على المكروه، وهذا محال في حقه تعالى، فالمراد لازمه وهو عدم المعاجلة بعقاب العصاة قال في "المواقف": الصبور: هو الحليم وفيه تسامح؛ لأنه في الدلالة على عدم معاجلته بالعقاب أبلغ من الحليم، وقيل: المراد بالأذى أذى الأنبياء أسنده إلى نفسه لأن إيذاءهم أمر عظيم عنده، والوجه هو الأول لقوله: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر" والكلام على طريق المثل لأنه متعالٍ عن الأذى، أي لو كان ممن شأنه لحوق الأذى لتأذى به.

باب قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26)} [الجن: 26]

تمام الآية {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} وأشكل هذا على من قال بكرامات الأولياء. وأجيب بأن الاستثناء منقطع أي لكن من ارتضى من رسول يطلعه والإشكال بحاله لأنه وإن لم يكن فيه حصرٌ إلا أن مفهومه أنه مخصوص بالرسول، وقيل: إطلاع الرسل بالملك، والأولياء بالكرامات، وهو من النمط الأول إذ لا دليل على ذلك، والتزم الإشكال بعضهم، وقيل: لا تنحصر الكرامات في الإخبار عن الغيب، وقيل: أشار بالإضافة إلى غيبه الخاص به من شؤون الذات والصفات مما لا يمكن الوصول إليه إلا من الرسل، وذلك الذي يطلع عليه الرسول بعض من غيبه الخاص، بل أقل قليلًا فلا ينافي الكرامات.

وأحسن ما قيل فيه: أن قوله: {فَلَا يُظْهِرُ} يدل على الجواز؛ لأن الإظهار عبارة عن انكشاف المقام، وليس ذلك إلا للرسل، وأما الأولياء فلهم لمحات في أوقات، والذي يدل على ذلك قوله تعالى بعد قوله: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا}، فإنه يدل على كمال الإظهار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015