قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ افْتَحْ. قَالَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا جِبْرِيلُ. قَالَ هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ مَعِى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ. فَلَمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، إِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى، فَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا آدَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

على البراق إلى بيت المقدس (فلما جئت إلى السماء الدنيا) لم يقل: جئنا لأن مجيئه هو الأمر الغريب دون الملك، كذا قيل، ولكن سيأتي بلفظ الجمع في مواضع، وذلك أنَّه تحدث بهذا الحديث مرارًا بعبارات كلها صادقة (قال جبرائيل لخازن السماء: افتح) أي: الباب (قال: من معك؟ قال: محمَّد، فقال: أرسل إليه) أي: بالعروج، فإنهم كانوا كانوا عالمين برسالته لأن الله تعالى يخبر الملائكة ليلة القدر بما يقع في ذلك العام، وقيل: الاستفهام للتعجب لأنه حصل له ما لم يحصل لأحد قبل، وقيل: استفهام عن رسالته فإنَّه خفي عليهم لاستغراقهم في الطاعات كما أخبر الله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)} [الأنبياء: 20]. ولفظ إليه في أرسل إليه يؤيد الوجه الأول (فلما فتح علونا السماء الدنيا) هذه على رغم أنف الفلاسفة الأنجاس الذين يقولون: الفلك لا يقبل الخرق، ولو اجتمع الإنس والجن على وزن خردل منه لا يقدرون على فلقه (فإذا رجل قاعد على يمينه أسودة) جمع سواد، وهو الشخص لأنه يرى من بعيد [أسود] قاله ابن الأثير (وإذا نظر قبل يساره بكى) إنما بكى حزنًا على أولاده، كما أنَّه ضحك إذا نظر أهل اليمن سرورًا بأهل الجنة.

فإن قلت: أرواح أهل النَّار في سجين تحت الأرض السابعة، وأرواح المُؤْمنين في عليين. قلت: لا منافاة فإنَّه في مقامه يشاهد الطائفتين، ألا ترى إلى قوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44]، وقوله: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55)} [الصافات: 55] فسقط ما يقال: كيف تكون أرواح الكفار في السماء وقد قال تعالى: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} [الأعراف: 40]، والجواب عنه بأنه أراد الأرواح التي لم تتعلق بالأبدان، على أن تعلق الحمل على ذلك لا يصح لعموم لفظ نسم بنيه.

(فقال: مرحبًا بالنبي الصالح) نصب على المفعولية أي: أصاب الله به مكانًا ذا سعة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015