أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَاسَبَهُ قَالَ هَذَا الَّذِى لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَهَلاَّ جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ، إِنْ كُنْتَ صَادِقًا». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَسْتَعْمِلُ رِجَالاً مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلاَّنِى اللَّهُ، فَيَأْتِى أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِى فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَوَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ - بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلاَّ جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَلاَ فَلأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ «أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ». طرفه 925
الْبِطَانَةُ الدُّخَلاَءُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وحديثه تقدم آنفًا بورقة في باب هدية العمال وموضع الدلالة هنا قوله: (فلما جاء حاسبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فدل على أن الإِمام يباشر محاسبة العمال بنفسه ليطلع على أمانة النَّاس وأهليتهم للولايات وعدم استحقاقهم، ألا ترى إلى إظهار الغضب على ابن الأُتبية لما قال: (هذا لكم وهذا أهدي إلى) وفيه نصح للسامعين، وتنقل إلى آخر الدهر (تيغر) بفتح الفوقانية وسكون التحتانية من اليعار بالضم صوت الغنم (فلأعرفن ما جاء الله) قيل: الكلام لآيات الله أخذ بهذه الصفة فعدل إلى هذه العبارة لما فيها من مبالغات شتى نفي الشيء بنفي لازمه وإسناد إلى نفسه ثم تأكيده بالنُّون المثقلة.
باب بطانة الإِمام وأَهل مشورته
قال ابن الأثير: بطانة الرَّجل صاحب سره وداخلة أمره الذي يشاوره في أحواله، وقول البُخَارِيّ: (البطانة: الدخلاء) تفسير لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118].