. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رواية مسلم: "إلى الخَلْق كافةً" ويروى: "إلى الأحمر والأسود". وقيل: هذا يشكل بقول أهل المحشر لنوح: أنت أولُ رسول إلى أهل الأرض. وقد تكلّفوا في الجواب بما لا يجدي، وأنا أقول: الإشكال ليس منحصرًا في نوح، بل قوله تعالى: {أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: 15] أشدّ إشكالًا؛ لأن فرعون لم يكن من بني إسرائيل. والجواب: أن مراد الحديث أنه كان يُبعث إلى قومه أصالةً، وإن كانت الدعوة إلى التوحيد عامةً، يدل عليه قول موسى وهارون لفرعون: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 16]، وقوله: {إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [طه: 47] ولم يقل: إنا أرسلنا إليدُ.
فإن قلت: في رواية مسلم: "فُضّلت عن الأنبياء بستٍّ: أُعطيت جوامعَ الكلم، وخُتم بي النبيون"؟ قلتُ: مفهوم العدد عند مَنْ يقول به إنما يعتبر إذا لم يعارضه منطوق، وخواصّه غيرُ هذه كثيرة: هو أولُ من تنشق عنه الأرضُ، وأول من يحرّك حِلَق باب الجنة. ومن بقي معجزته بعد موته على وجه الزمان إلى آخر الدهر هو القرآن. وقد ضبطه أبو سعيد النيسابوري في كتاب "شرف المصطفى" اختصاص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين الأنبياء بستين خصلةً.
وزعم شيخ الإسلام أن إخراج من قال: لا إله إلا الله أيضًا من خَوَاص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه نظرٌ، لما في الرواية الأخرى: "شَفَعتِ النبيون، وشفعت الملائكة ولم تبق إلا شفاعةُ أرحم الراحمين" (6).