6595 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَكَّلَ اللَّهُ بِالرَّحِمِ مَلَكًا فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ نُطْفَةٌ، أَىْ رَبِّ عَلَقَةٌ، أَىْ رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقَهَا قَالَ أَىْ رَبِّ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى أَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ». طرفه 318
ـــــــــــــــــــــــــــــ
6595 - (وكل الله بالرحم ملكًا تقول: أي رب نطفة، أي رب علقة) يجوز فيه الرفع خبرًا لمبتدأ، والنصب على تقدير: جعلتها علقة، وكذا الحكم في أخواتها.
فإن قلت: ما فائدة هذا النداء وهذا الكلام مع أن علم علام الغيوب أشمل؟ قلت: هذا إظهار للعبودية، وإنه قائم بما أمر به لا يفتر عنه.
(فيكتب كذلك في بطن أمه) وقيل: يكتب على جبينه، وقيل: في بطن أمه في موضح الحال، أي: يكتب هذه الأشياء في ديوان الملك الموكل وهو في بطن أمه لم يلد بعد، وهذا الذي أشار بقوله: " ... يسبق عليه الكتاب".
فإن قلت: ذكر هذه الأطوار في الآية الكريمة بأساليب مختلفة، ذكر بلفظ ثم في قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون: 12 - 14] ثم ذكر انتقاله من العلقة إلى المضغة بالفاء، وكذا انتقاله من المضغة إلى العظام، ثم انتقل إلى ثم في قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14]، قلت: أجاب شيخنا بأن ذكر النطفة بثم بعد السلالة؛ لأن المراد منها خلق آدم، ومن النطفة خلق المولود. وأما ذكر العلقة بعد النطفة بثم فلأن النطفة قد لا تكون إنسانًا، وهذا -مع كونه ليس جوابًا للإشكال- منقوض بأن العلقة أيضًا قد لا تكون إنسانًا، ثم قال: وأما قوله {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} فيدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه، وهذا أيضًا مما لا دلالة عليه من لفظ ثم، والحق أن ذكر العلقة بثم بعد النطفة فلأن النطفة تتفرق في البدن وتجتمع في الرحم في أربعين ... ثم أشار بلفظ ثم، وأما قوله: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} فلأنه إشارة إلى نفح الروح الذي هو أبدع من كل بديع، فثم للتراخي رتبة، إليه يشير كلام الكشاف.