أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَهْبَةً وَرَغْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ». فَقُلْتُ أَسْتَذْكِرُهُنَّ وَبِرَسُولِكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. قَالَ «لاَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أسلمت وجهي إليك). أي: جُملتي عبَّر عنها بالوجه لأنها أشرف الأعضاء. وفي رواية: "نفسي" بدل وجهي، والمراد الانقياد بجميع الأعضاء وفي رواية نفسي بدل وجهي والمراد لِمَا خُلقت له. (وفوضت أمري إليك) شأني كلَّه كما هو شأن العبيد مع المولى (وألجأت ظهري إليك) أي: أطلب منك الإعانة وذكر الظهر لأنه به قوام الجسد. "رهبة ورغبة إليك" قال ابن الأثير: تنازع الفعلان وأعمل الثاني في إليك، ولو أعمل الأول لقال: منك، لكن حمل أحدهما على الآخر في قول الشاعر:
وزجّجن الحواجب والعيونا
(لا ملجأ) آخره همزة (ولا منجا) مقصور بفتح الميم فيهما. ويجوز ترك الهمزة فيهما وإثباتها أيضًا، أي: لا ملاذ ولا موضع [...] راقبك. (فقلت: أستذكرهن) بهمزة القطع أي: أحفظهن. (فأعدت ذكرهنّ فقلت: وبرسولك الذي أرسلت، فقال: لا وبنبيَّك الذي أرسك) قد ارسلوا أكثروا في وجه الردِّ عليه والمعول عليه وجهان: الأول: أن لفظ الرسول يلاقي الإرسال في الاشتقاق فيكون نوع تكرار، الثاني: أن لألفاظ الأدعية وأعدادها أسرارًا لا يعلمها إلَّا الله ورسوله.
فإن قلت: ما المراد بالفطرة؟ قلت: ملة الإسلام التي يولد عليها كل مولود.
فإن قلت: أمره بالوضوء لمن ليس على وضوء أو يتوضأ لغرض النوم؟ قلت: الغرض أن يكون النوم على الطهارة، فإذا كان على وضوء فلا وجه لوضوء آخر. فإذا تأملت في هذا الدعاء وجدته مشتملًا على جميع ما يجب الإيمان به من أحوال المبدأ والمعاد في الرغبة والرهبة شر لما تقدمه، كأنه قال: فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري رهبة.