فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى قَالَ «مَا لَكِ أَنُفِسْتِ». قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ». قَالَتْ وَضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ. أطرافه 305، 316، 317، 319، 328، 1516، 1518، 1556، 1560، 1561، 1562، 1638، 1650،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من أن الناس كانوا يرون العمرةَ في أشهر الحج من أفجر الفجور (فلما كنت بسَرِف) -بفتح المهملة وكسر الراء- موضع بين مكة والمدينة منه إلى مكة قدر عشرة أميال تقريبًا. يجوزُ صرفُهُ باعتبار المكان، وعدم صرفه باعتبار البقعة، وهذا أشهر (مالك نفِست؟) -بفتح النون وكسر الفاء وبضم النون أيضًا- في الحيض والنفاس إلا أن الفتح في الحيض أشهر، والضم في النفاس.
(هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بنات بني آدم) أي: شيء كما في الترجمة. وسيأتي في كتاب الحج: "إنك من بنات كتب الله عليك ما كتب عليهن" (فاقضي) أي: افعل (ما يقضي الحاج) أي: يفعله. القضاء لغةً: إتمام الشيء. قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] وتخصيصه باستدراك ما خَرَج من الوقت عرف الفقهاء.
(غير أن لا تطوفي بالبيت) أن ناصبة، ولا: زائدة. ويحتمل أن تكون مخففةً من المثقلة ولا: ناهية. والجملة الإنشائية مفسرة لضمير الشأن (وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر) قيل: كان الهدي تبرعًا. وإنما صار إلى هذا مَنْ قال به، لأن الواجب لا بد فيه من الإذن، والأظهر حمله على أنه أستاذنهنّ.
فإن قلتَ: سيأتي في كتاب الحج أن عائشة قالت: دخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه رضوان الله تعالى عليهنّ؟ قلت: لا دلالة فيه على عدم الإذن، لأنها لما رأت اللحم سألت فأجيبتْ، ولا دليل لمالك فيه على أن البقر أفضلُ من البدنة، لأنه أمر خبري، وحديث الساعة الأولى يوم الجمعة، دلَّ على خلافه صريحًا.