قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ». ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ. تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِىِّ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِىُّ عَنِ الزُّهْرِىِّ. طرفاه 639، 640
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(قيامًا) حال من الصفوف، جمع قائم، أو مصدر في موقع الحال، أو تمييز (ثم خرَج إلينا ورأسه يقطر فكبّر) الظاهرُ أنه لم يعد الإقامة.
فإن قلت: في رواية ابن ماجه: قام إلى الصلاة وكئر ثم انصرف فاغتسَلَ فجاء فصلى بهم، فلما انصرف قال: إني خرجتُ إليكم جُنُبًا، وفي رواية الدارقطني: فكبر وكبرنا، وفي رواية أحمد: كان قائمًا يصلي بهم قلتُ؟ قال النووي: هذا محمول على تعدّد القضية.
(تابعه عبد الأعلى) السامي -بسين مهملة- نسبةً إلى جده الأعلى سامة بن لؤي، والضمير في تابعه لعثمان (عن مَعمَر) بفتح الميم وسكون العين (ورواه الأوزاعي) -بفتح الهمزة- الإمام عبد الرحمن، إمام أهل الشام في زمانه. قوله أولًا تابعه، وثانيًا رواه، تفننٌ. ومن قال: المتابعة تكون إذا وافق الراوي في اللفظ، ورواه إذا وافق في المعنى، فقد قال ما لا علم له به.
واعلم أن العلماء اختلفوا في جواز عبور الجنب في المسجد، جوَّزه الشافعي لقوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] وقال المراد من قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: مكانها، بدليل قوله: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]. وقال مالك وأبو حنيفة: المراد بعابري سبيلٍ: المسافرون، فلا يدخل المسجدَ إلا المسافرُ الجنب لطلب الماء، لأنه معذور، ومعنى قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43] أي: الصلاة ولَا مكانها، واعترض بأنه يلزمهم الجمع بين الحقيقة والمجاز. ولم يقولا به. وهذا ساقط لإمكان الحمل على عموم المجاز. وذهب الإمام أحمدُ إلى جواز جلوس الجنب في المسجد.