النَّاسِ، فَعَجِلُوا فَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَدُفِعَ إِلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا نَدَّ عَلَيْكُمْ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا». قَالَ وَقَالَ جَدِّى إِنَّا لَنَرْجُو - أَوْ نَخَافُ - أَنْ نَلْقَى الْعَدُوَّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ فَقَالَ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ، أَمَّا السِّنُّ عَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ». طرفه 2488
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ عن القابسي والنووي أنهما حملا على ميقات أهل المدينة، ولا يكاد يصح هذا؛ فإن القسمة لم تقع بذلك المكان قطعًا، بل إنما وقعت هناك (فعجلوا فنصبوا القدور) بفتح العين وكسر الجيم (فأمر بالقدور فأكُفئت) إنما فعل ذلك؛ لأن الجيش إذا دخل دار الإسلام ليس لهم الأكل من مال الغنيمة، وقيل: لأنهم فعلوا ذلك من غير مشورة. والوجه هو الأول.
(فند منها بعير) نفر وعصى (إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش) جمع إبدة اسم الفاعل من أبد يأبد بكسر الباء في المضارع وضمها- إذا توحش (وليس معنا مدَىً) -بضم الميم- جمع مدية وهي السكين (ما أنهر الدم) أي: أجراه، ومنه نهر الماء لجريانه، ونقل النووي رواية بالزاي المعجمة أي: أجراه بسرعة (ليس السن والظفر) أخذ به الشافعي وأحمد، وقال مالك في "الموطأ" عن ابن عباس: "كل ما فرى الأوداج فكلوه" ثم قال مالك: كل ما يبضع فلا بأس به. وقال أبو حنيفة: هذا النهي في الظفر والعظم المتصل بالحيوان، فإذا فصلا عنه جاز، وتعليل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة) يرد ما قاله ردًّا ظاهرًا.
باب [ما] ذبح على النصب والأصنام
قال ابن الأثير: النصب بضم الصاد وسكونها يطلق على الصنم، وعلى الحجر الذي