إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ورُوي بالحاء المهملة. وكذا في رواية معْمر في مسلم بضم الياء وفتحها لغتان. وقال إمام النحو خليل بن أحمد: يقال: أحزَنَهُ، أدخَلَ فيه الحُزْن، وحَزَن جعله حزينًا (إنك لتَصِلُ الرَّحم) صلة الرحم هو الإحسانُ على الأقارب بالمال وحسن المعاشرة، وإن كان مشتغلًا بالعلم يكفية المكاتبةُ إليهم (وتحمل الكَلَّ) أي: الثقل عن المصاب، ومن وقع في غرامة أو شدةِ من الكَلاَل وهو الإعياء (وتَكْسِب المعدومَ) - بفتح التاء - قال ابن الأثير: يقال: كسبت المالَ وكسبتُ زيدًا مالًا وأكسبته مالًا. فإن كان من الأول فالمعنى: إنك تصل إلى كل معدوم وتناله، فلا يتعذر لبعده عليك. وإن جعلتَه مُتعدّيًا إلى اثنين فتريد: إنك تعطي الناسَ الشيءَ المعدوم عندهم وتوصله إليهم. وهذا أَولى القولين؛ لأنه أشبه بما قبله من التفضل والإنعام، إذ لا إنعام في أن يكسب مالًا لنفسه، هذا كلامه.

وقال النووي: معناه يَكْسِبه ويصرفه في وجوه الدين. والحقُّ أن هذا شيء لا يدل عليه الكلامُ. والأَوْلى في توجيه ذلك الوجه أن العرب كانوا يفتخرون بذلك، فكأنها أرادت أن من يكون من الحظ والسعادة بتلك المنزلة، يَبْعُد اْن يُصاب بمكروه.

(وتُعين على نوائب الحق) جمع نائبة وهي الحادثة من نابه إذا قَصَدَه. وإضافته إلى الحق احترازًا من نوائب الشر والفساد.

وفي الحديث دلالة على أن الخصال الفاضلة تكون دافعةً للآفات، وعلى كمال أمّ المؤمنين، وغزارة فهمها وعلو شأنها في البلاغة؛ لأن الإحسان إما إلى الأقارب أو الأجانب، وكل واحد إما أن يستقل الإنسان به أو لا. والإحسان أيضًا إما بالمال أو بالبدن أو بكل منهما، وقد استوفت هذه المحاسن فيه بأفصح اللغات وأرشق العبارات.

(فانطلقتْ به خديجة) الباء للمصاحبة (ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة) لأنها بنت خُويلد بن أسد بن عبد العزى وهو ابن نوفل بن عبد العزى. ويُكتَب ابن عم بالألف، لعدم وقوعه بين عَلَمين. هذا مصطلح الكتاب، وموافقٌ للعربية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015