وَقَوْلُهُ تَعَالَى (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) الصَّوَائِدُ وَالْكَوَاسِبُ. (اجْتَرَحُوا) اكْتَسَبُوا. (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (سَرِيعُ الْحِسَابِ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ وَاللَّهُ يَقُولُ (تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى يَتْرُكَ. وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ، فَكُلْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن قلت: تقدم في كتاب الأنبياء: قيراط بلفظ المفرد؟ قلت: ذكر الأقل لا ينافي الأكثر، أو ذلك باعتبار شرف المكان وعدمه، وقيل: القيراطان في المدن والقرى، والقيراط الواحد في البوادي، أو أخبر أولًا بقيراط، ثم بقيراطين كما أخبره الله به.
فإن قلت: في رواية أبي هريرة زيادة "كلب الحرث" فكيف يصح الحصر في الصيد والماشية؟ قلت: أجاب بعضهم بأن مدار الحصر على المقامات واعتقاد السامعين لا على ما في الواقع، وهذا الذي قال خطأ؛ فإنَّه يستلزم أن يكون ما قاله رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خلاف الواقع. والصَّواب أن هذا الاختلاف نشأ من حفظ الرواة، ولذلك لما روى الحديث من أبي هريرة بزيادة كلب الحرث قال ابن عمر: إن أبا هريرة كان صاحب حرث. قال النووي: ليس هذا من ابن عمر. قد جاء في أبي هريرة: ما كان صاحب زرع، حفظ الحديث فيه، فإن المبتلى بشيء يحفظ أحواله وأحكامه أكثر من غيره.
فإنّ قلت: يجوز اقتناء الكلب لغير هذه الثلاثة مثل حفظ البيوت والدروب؟ قلت: قال النووي: يجوز ذلك عملًا بالعلة المفهومة وهي الحاجة،
فإن قلت: ذلك الحديث على أنَّه لا ينقص أجره إذا كان لحاجة، فهل تدخل الملائكة ذلك البيت؟ قلت: الظاهر عدم الدخول في إطلاق قوله: "إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب"، وأيضًا العلة إذا كانت نجاسة الكلب فلا يتفاوت.