رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ. فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ». قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا بَلَغْتُ «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ». قُلْتُ وَرَسُولِكَ. قَالَ «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ». أطرافه 6311، 6313، 6315، 7488
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوام من البدن، إنما هو بالظهر (رغبةً ورهبةً إليك) قيل: هو من قبيل:
عَلَفتُها تِبنًا وماءً باردًا
لأن الرهبة تُستعمل بمن، أو تقدر له من. وقَدَّمَ الرغبةَ ترجيحًا للرجاء وتلويحًا إلى سبق رحمته تعالى، والرغبةُ في الأصل: الدعاءُ والسؤالُ، وإنما استعمل بإلى لتضمين التذلل والافتقار.
(لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك) الأول مهموز، والثاني مقصور. اشتقاقه من النجاة. يقال: لجأت إلى فلان: إذا استندت إليه في أمرٍ أو حادثةٍ، ونجوتُ من فلان إذا سلمت من عقابه. والمعنى: لا مستند ولا مكان خلاص من سطوات قهرك إلَّا حصن رأفتك وحمى رحمتك (فإن مِتَّ في ليلتك فأنت على الفطرة) أي: على الإيمان الذي يولد عليه كلُ مولود لا تَدَنّس فيه ولا شوب.
(قال: فرددتها على النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي: قرأت تلك الكلمات ثانيًا لأحفظَها (قلتُ: ورسولك الذي أرسلتَ، قال: لا ونبيك) إنما ردَّ عليه؛ لأن في لفظ "أرسلت" دلالة على الرسالة، فيقع لفظ رسولك مكررًا من غير نكتة.
واستدل به مَنْ لم يجوز الرواية بالمعنى. ولا دليل فيه؛ لأن لفظ الرسول أَخَصُّ، وقيل: لأن لفظ الرسول يطلق على جبريل، وقيل: لأن ألفاظ الدعاء يُراعى عليها، لاشتمالها على الخواص التي لا توجد في غيرها. والوجهُ هو الأول، لأنه على طريقة علم البلاغة