عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلْتَقُلْ إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ «لاَ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ وَلَنْ أَعُودَ لَهُ». فَنَزَلَتْ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) إِلَى (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ) لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِىُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ) لِقَوْلِهِ «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً». طرفه 4912
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عائشة: (تواصيت أنا وحفصة على أن نقول له: أكلت مغافير). وفي قصة حفصة: اتفقت عائشة وسودة وصفية على ذلك القول. قال النووي: حديث زينب أصح، نقله عن النسائي، وهو الموافق لقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} [التحريم: 4] هما عائشة وحفصة كما تقدم مرارًا في حديث طويل أن ابن عباس سأل عمر في طريق الحجاز ففسره بعائشة وحفصة. هذا وحديث مارية لم يصح فيه حديث وإن رواه كثير من الناس، ولو صح [خلا] منافاة لما ذكرنا مرارًا جواز تعدد الأسباب، ونقل عن القاضي أنه قال أيضًا: إن الصواب قصة زينب. قلت: هذا الذي يجب اعتقاده، لأن الآية لا يمكن صرفها إلى قصة حفصة؛ لأن الرواية صريحة في عائشة وسودة وصفية، فكيف يعقل ضمير المثنى في: {وَإِنْ تَظَاهَرَا} [التحريم: 4].
وأراد بعض الشارحين التوفيق بين الحديثين فقال: يجوز أنه شرب عند حفصة أولًا، فلما قيل له ما قيل ترك الشرب بلا تحريم، ثم لما شرب عند زينب وقيل له فيه حرّمه. هذا كلامه، ولا وجه له أما أولًا: فلاتفاق العلماء أنه لم يقع منه إلا مرة واحدة إما عسل أو ماؤه. وأما ثانيًا: فلو وقع مرتين لكان العتاب يوجه على الفريقين لاشتراكهما في الافتراء عليه والاحتيال، ولما لم يتعرض إلا لاثنتين {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]. دل قطعًا على أن لا دخل لغيرهما في هذا الباب، ثم هدد الكل بأن لا يقع منهن شيء في حقه مرة أخرى بقوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: 5].
(ابن جريج) بضم الجيم مصغر، وكذا (عبيد بن عمير) مصغر الاسمين ................