عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ، فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ، ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقِىَ الزُّبَيْرَ فِي رَكْبٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا تِجَارًا قَافِلِينَ مِنَ الشَّأْمِ، فَكَسَا الزُّبَيْرُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ ثِيَابَ بَيَاضٍ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إِلَى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ، حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ، فَلَمَّا أَوَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ لأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَمْلِكِ الْيَهُودِىُّ أَنْ قَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمُ الَّذِى تَنْتَظِرُونَ. فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلاَحِ، فَتَلَقَّوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَقَامَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عرف أن له شأنًا، فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرَّانة مقفله من حنين أتى بذلك الكتاب فأسلم وفي هذه الواقعة يخاطب أبا جهل:
أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدًا ... رسولٌ ببرهان فمن ذا يقاومه
(قال ابن شهاب: فأخبرني عروة) يجوز أن يكون عطفًا على أول السند بتقدير حرف العطف، وأن يكون تعليقًا (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي زبيرًا في ركب من المسلمين، فكسا رسولَ الله وأبا بكر ثياب بياض) قال الدمياطي: ذكر الزبير هنا وهم، بل هو طلحة، وكذا قاله ابن سعد في "الطبقات". (فلما أووا إلى بيوتهم) -بفتح الهمزة والقصر- أي: رجعوا (أوفى رجل من يهود على أُطُم من آطامهم) الأُطُم -بضم الهمزة والطاء-: شبه القصر، والآطام بالمد: جمعه، وأوفى على الشيء: أشرف (فبصُر برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) -بضم الصاد- أي: علم به، قال الجوهري: والظاهر أنه العلم المتعلق بالمبصرات (مبيضين يزول بهم السراب) هو ما يرى في شدة الحر في المواضع السبخة شبه الماء، ومعنى قوله: يزول بهم: أنهم في دخوله فيه زال ما كان يتوهم من وجود الشرب (فلم يملك اليهودي أن قال يا معشر العرب هذا جدكم) أي لم يملك نفسه عن هذا القول كأنه صدر عنه بلا اختيار، والجد: الحظ (نزل في بني عمرو بن عوف) هم أهل قُباء.