فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ وَهْوَ غُلاَمٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلاَ يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلاَّ وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلاَمُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا، حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِى الثَّلاَثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِى الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَنِى عَبْدِ بْنِ عَدِىٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعاء الطعام سواء كان في السفر أو في الحضر (فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سُميت ذات النطاقين) النطاق -بكسر النون- ويقال له المنطق، قال ابن الأثير: هو ما تشد به المرأة وسطها فوق الثياب ثم رفع وسط الثوب، وترسله على الأسفل لئلا تعثر على ذيلها عند معاناة الأشغال.
(ثم لحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر بغار في جبل ثور) -بالثاء المثلثة- قال ابن الأثير: هو جبل بمكة، وقال الجوهري: اسم الجبل الطحل، وإنما قيل له: ثور لأن ثور بن عبد مناف نزله (يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو كلام ثَقِفٌ لقن) كلاهما على وزن فَعِل بكسر العين، والثقافة -بالثاء المثلثة-: الحذاقة والفطانة، واللقن: حسن التلقن للأخبار من أفواه الناس (فيدّلجُ من عندهما بسحر) -بتشديد الدال- السير في آخر الليل (فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه) وفي بعضها: يكتادان وكلاهما من الكيد (ويرعى عليهما عامر بن فُهيرة) بضم الفاء، مصغر (مِنحة من غنم) أي لبنًا، وكانت الغنم لأبي بكر، قال الجوهري: المنح العطاء والمِنحة -بكسر الميم-: الاسم منه وهي العطية، والمراد به في الحديث الغنم الذي فيه اللبن، وإنما عبر عنه بالمنحة لأن الناس في ذلك العهد كانوا يعيرون الشاة والناقة للمحتاج لينتفع بدرها ثم يردها، واسم تلك الشاة عندهم المنيحة (فيبيتان في رِسْل) بكسر الراء اللبن لأنه مسترسل مستمر (وَرضيفهما) -بفتح الراء وضاد معجمة- فعيل بمعنى المفعول، وهو اللبن الذي يُلقى الرضف فيه -وهو الحجر المحماة بالنار- ليصفيه (حتى ينعق بها) النعيق: صوت الراعي على غنمه (واستأجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من بني الدِّيل) -بكسر الدال المهملة- قال الجوهري: نسبة إلى ديل من بكر الكناني، ويقال فيه: الدأل بفتح الهمزة