نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ صَلَّى - وَرُبَّمَا قَالَ: اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى - " ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ، مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ - عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ -، وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عَنْ يَسَارِهِ - وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ - فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عباس (نام حتى نَفخَ) كناية عن كمال النوم والنفخُ -بالخاء المعجمة- معروف، والمراد به صوت نَفَس النائم (ثم حدثنا سفيان) هذا من كلام علي بن عبد الله. وقد يوجد في بعض النسخ قَبْل ثم لفظ (ح) التحويل، وليس له وجه وذلك أن الأسناد هو ذلك الإسناد، غايته أن سفيان روى أولًا الحديث مختصرًا، ثم رواه مطولًا، وكأنه تذكر تلك الزيادة بعد النسيان (مرةً بعد مرة) أي: مرارًا كثيرةً (فلما كان في بعض الليل) ويروى من بعض الليل، وعلى هذا يجوزُ أن يكون من اسم كان، لأنها بيانية، ولا حاجة إلى القول بزيادة: من، في الإثبات، وجعل (كان) تامة (قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتوضأ من شَنِّ مُعَلَّق) بالشين المعجمة والنون مشددة أي: قِرْبة عتيقة، وإنما كانوا يستعملون العتيق من القِرَب، لأنها تبرد الماء، وطعمُ الماء فيها أطيبُ (وضوءًا خفيفًا يخففه عمرو ويقَلّله) فالمراد به أنه لم يتأنّ فيه على دأبه، وليس المراد بالتخفيف غسلَ الأعضاء مرةً مرة لما سيأتي في البخاري: "أنَّه توضأ وضوءًا حسنًا". قال النووي: أي: بين الإسراف والإقتار، وهذا صريح في أنه لم يقتصر على مرة واحدة، فإنها الإقتار؛ إذ لا وضوء بدونه.
فإن قلت: قال أولًا: فقام، ثم قال: قام وليس هناك إلا قيام واحد؟ قلتُ: في نسخ البخاري كذا وقع، وقيل: في رواية أبي ذر: قيام. قال القاضي: وهو الصوابُ أي: قيام في أول الليل، ثم قام. قلتُ: يمكن حمل باقي النسخ على الإجمال والتفصيل، فإنه رواية الثقات.
(فتوضأت نحوًا مما توضأ، ثم جئتُ فقمتُ عن يساره، فَحَوّلني فجعلني عن يمينه)