وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَانُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا تَحْتَ الكَعْبَيْنِ». [الحديث 134 - أطرافه في: 366، 1542، 1838، 1842، 5794،

5803، 5805، 5806، 5847، 5852].

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هذا إنما يصح لو لم يكن في صدر الإِسلام لبس البرنس معتادًا، ولا ثوبًا مسَّه الورس -بفتح الواو وسكون الراء -نبتٌ أصفر يُصبَغُ به. قال الشارح المذكور: إنما غير الأسلوب هنا ليدل على عموم الحكم للمذكر والنساء. قلت: الحكم عام ولكن لا تَغَير في الأسلوب.

فإن قلت: سؤال السائل إنما كان عن شيء يجوزُ لبسه فلم ذكر في الجواب ما لا يجوزُ لبسه؟ قلتُ: لأن المحرمات أقلّ من المباحات، فكان ذاك أخصر في الجواب وسلوك مثله واجب عند البلغاء. وما يقال: إنما عَدَلَ عن ظاهر الجواب تنبيهًا على أن الأولى بحال السائل السؤال عما لا يجوزُ لبسه، لأن الحرمة عارضة، فليس شيء إذ هو بصدد ذلك، لا أنه يريد تعلّم المسألة حتى يقال: هذا عارض وذاك أصلي، لأن الإنسان إنما يسأل عن شيء يفعله يدلّ عليه ما سيأتي في كتاب الحج من قول البخاري باب ما يلبس المحرم؛ إذ لو كان الأمرُ على ما ذكره، كان القياسُ أن يقول: باب: ما يلبس المحرم.

فإن قلت: ما الحكمة في منع المحرم عن الأشياء المذكورة؟ قلت: تركًا للزينة؛ لأن الحاج أشعث أغبر، كما قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فإن قلتَ: لم يستوف المحرمات كالعباءة والجبة؟ قلتُ: اكتفى بالقميص، فإنه يقاس عليه كل مخيط.

واعلم أنه اشتهر في عبارات الفقهاء أن الحاج لا يلبس المخيط، ولكن ذاك مقيَّد باللبس على وجه الإحاطة بالبدن، وأما لو ارتدى أو تأزر بالمخيط فلا بأس به.

(فَلْيَلْبَس الخفين وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين) الأمر الأول للإباحة، والثاني للجواب.

فإن قلتَ: قطع الخف إفسادٌ للمال؟ قلتُ: الحَسنُ ما قاله الشارع، وليس لأحدٍ معه بحث. ألا ترى أنه أشعر وأمر به، ولم يكن لأحدٍ أن يقول: إنه تعذيب الحيوان. هذا آخر كتاب العلم. رب زدني علمًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015