3194 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِىُّ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِى غَلَبَتْ غَضَبِى». أطرافه 7404، 7412، 7453، 7553، 7554
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ألهمه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ثم هو عبّر عنه بعبارة نفسه فليس بشيء؛ لأن كل ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته بإلهام من الله.
3194 - (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت على غضبي) وفي رواية: "سبقت".
قال بعضهم: فإن قلت: الغضب غليان دم القلب، فكيف صح إسناده إليه تعالى؟ قلت: المراد لازمه وهو إرادة الانتقام، فإن قلت: صفاته قديمة فكيف يقول: سبق بعضها؟ قلت: السبق باعتبار التعلق، وتعلق الرحمة مقدم على تعلق الغضب، على أن الغضب والرحمة فعلان يجوز تقدم أحدهما على الآخر.
هذا كلامه وفيه خبط من وجوه:
الأول: أنه قدم أن المراد من الغضب إرادة الإنتقام، وهي صفة ذاتية، فقوله بعده: ليست صفة بل فعل، متناقض.
الثاني: قوله: تعلق الرحمة سابق ممنوع، فإن أهل النار يدخلونها قبل أهل الجنة كما سيأتي في البخاري.
الثالث: أن هذا فهم أن المراد بالسبق التقدم الزماني، وليس كذلك، بل المراد سعة رحمته، فسَّره الرواية الأخرى: "غلبت"، والمراد من قوله: "قضى الله الخلق" أي: أظهره في اللّوح كتب في كتاب أضافه إليه لعدم اطلاع الملائكة على ما فيه ولذلك قال: "فهو عنده" إذ ليس المراد العندية المكانية، وقوله: "فوق العرش" قيل: أراد دون العرش، كقوله تعالى: {بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] أي: دون البعوضة، وهذا تكلف، والظاهر حمله على الحقيقة؛ إذ لا صارف عنه وتعليلهم بأن العرش أعظم من أن يكون فوقه شيء ذهول عن قوله: "في كتابه فهو عنده".