فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَتِ المَاءَ» فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ، تَعْنِي وَجْهَهَا، وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا». [الحديث 130 - أطرافه في: 282، 3228، 6091، 6121].

131 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(هل على المرأة غسلٌ إذا احتلمت)؟ الحلم هو الرؤيا الذي يراه النائم، إلا أن الحلم اشتهر في الشر، والرؤيا في الخير. والمراد هنا: ما تراه المرأة من الواقعة مع الرجل. يقال: حلم -بفتح اللام- واحتَلَم بمعنى واحد (وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا رأت الماء) فإن خروج الماء هو الموجب في الرجال أيضًا، إلا أن خروجه ربما يخفى، فأقام الشارعُ التقاء الختانين مقامه، لكونه مظنةً له، كما أقام السفر مقام المشقة، لكونه مظنة للمشقة.

(فغَطّتْ أم سلمة، تعني: وَجْهَها) هذا مُدرَجٌ من الراوي وهي زينب، وقوله: تعني وجهها. إدراجٌ في الإدراج؛ الأول من كلام عروة (قالت يا رسول الله وتحتلم المرأة؟) عطف قصة على أخرى بتقدير الاستفهام، وقد يُروى: أو تحتلم؟ فالهمزة داخلة على فعل مقدّر، أي: أتقولُ ذلك؟ (قال: نعم).

(تربتْ يمينُكِ، فبمَ يُشْبِهُها وَلَدُها؟) ترب: -بفتح الباء وكسر الراء- كنايةٌ عن الفقر. يقال: ترب أي: افتقر حتى لصق بالتراب. قال ابن الأثير: لفظه لفظُ الدعاء وتبعه غيره، ولكن لم يرد به ذلك، بل يجري في العتاب على تقصير يقع من المخاطب.

قال ابن بَطّال: الحياء إذا كان للإجلال حَسَن، كما فعلت أم سلمة. قلتُ: لو كان كذلك لَما قال لها: "تربت يمينُك"، بل إنّما عاتبها على أنها كانت أَوْلى بالسؤال؛ إذ لا حجاب بينها وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أخبرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. أَلا ترى أن عائشة مَدَحتْ نساءَ الأنصار بعدم الحياء في التفقه في الدين؟

131 - (إسماعيل) هو ابن أبي أويس ابن أخت أبي مالك بن أنس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015