جُبَيْرٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - يَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. قُلْتُ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ فَقَالَ «ائْتُونِى بِكَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا». فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ فَقَالُوا مَا لَهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ. فَقَالَ «ذَرُونِى، فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونِى إِلَيْهِ - فَأَمَرَهُمْ بِثَلاَثٍ قَالَ - أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ». وَالثَّالِثَةُ خَيْرٌ، إِمَّا أَنْ سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا أَنْ قَالَهَا فَنَسِيتُهَا. قَالَ سُفْيَانُ هَذَا مِنْ قَوْلِ سُلَيْمَانَ. طرفه 114
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يوسف، فإن كل واحد منهما يروي عن ابن عيينة، قلت: رواه الإسماعيلي عن محمد بن خلَّاد عن ابن عيينة (يوم الخميس وما يوم الخميس) كناية عن عظم المصيبة فيه، وذلك أن المرض اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا قد سلف مع شرحه مستوفى في باب الحربي إذا دخل دار الإسلام، وموضع الدلالة هنا قوله: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب).
فإن قلت: وضع الباب لإخراج اليهود؟ قلت: اليهود أيضًا مشركون، لقولهم: عزير ابن الله، أو ذكر المشركين بعد اليهود مناسبة، فإنهم أولى بالإخراج.
فإن قلت: ما الحكمة في تخصيص جزيرة العرب؟ قلت: خاف مكيدة منهم بعده كما أرادوا أن يلقوا عليه حجرًا لما ذهب يستعين بهم في دية الرجلين.
فإن قلت: فلم لم يبادروا إلى ما أمر به؟ قلت: الأمر لا يقتضي الفورية، ربما كانوا يحتاجون إليهم في تلك الأيام، أو صبروا على أن يبدوا منهم شيء، ولذلك لما فدعوا ابن عمر أجلاهم عمر.
(والثالثة إمّا أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها) هذا كلام سليمان بن مسلم، صرح به ابن عيينة، وقد جاء في الروّاية الأخرى: أن الثالثة تجهير جيش أسامة.