128 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «يَا مُعَاذُ»، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصغر -عامر بن واثلة الكناني، آخر الصحابة موتًا باتفاق أهل الحديث، وُلد عام أحد، ومات وعمره مئة سنة.
128 - (عن قتادة) بفتح القاف (إسحاق بن إبراهيم) هو إسحاق بن راهويه (معاذ بن هشام) بضم الميم وكسر الهاء (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذٌ رديفُهُ على الرّحل) ومعاذ رديفُهُ: مبتدأ وخبر. والجملة في محل النصب على الحال. وقوله على الرحل: حال أخرى من النبي -صلى الله عليه وسلم- لِما في الرواية الأخرى، عن معاذٍ: كنتُ رديفَهُ، وليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل. والرحلُ في البعير كالسرج للفرس. ويقال له: الكور، كذا قاله ابن الأثير. قلتُ: هذا أصلُه، وقد اتّسع فيه، وذلك أن معاذًا كان دريفَهُ على الحمار، صَرح به في الرواية الأخرى.
(قال يا معاذ بن جبل) يجوزُ في ذال معاذ الضم والفتح، والثاني هو المختار (قال: لبيك يا رسول الله وسعديك) -بفتح اللام وتشديد الباء بعدها ياء ساكنة- أصله إلبابًا بعد إلباب من ألَبَّ بالمكان أقام به، وأسعده إذا طاوعَهُ أي: إسعادًا بعد إسعاد والتثنية للتكثير كما في قوله تعالى: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] ووجه إعلال الكلمتين مذكورٌ في كتب النحو، وهما من المصادر التي يجب حذف فعلهما سماعًا.
(ثلاثًا) هذا من قول أنس، يريد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كرَّر الكلام ثلاثَ مراتٍ، الثلاث لمجموع ما جرى بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين معاذ لا على وجه تنازع الفعلين، وكأنه قال: جرى النداء والجواب ثلاث مراتٍ.
(ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله صدقًا من قلبه إلا حَرَّمه الله على النار) أي: خُلُودَهُ. أو قاله حين أسلم ومات على الفور، أو قاله تائبًا ومات بعده. وهذا لأن سائر النصوص دلَّت على دخول بعض عصاة المؤمنين النارَ. والوجهُ هو الأول لإطلاق الحديث