49 - بَابُ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الِاخْتِيَارِ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ، فَيَقَعُوا فِي أَشَدَّ مِنْهُ

126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

باب: مَنْ ترك بعضَ الاختيار مخافةَ أن يَقْصُرَ فهمُ بعضُ الناس فَيَقعوا في أشدّ منه

الاختيار -بكسر الهمزة- مصدر اختار. أي: العلوم المختارة الشريفة، يقصر فهم المخاطبين عن إدراكها. كذا في النُسخ المعتمدة، وفي بعض: الأخبار -بفتح الهمزة والباء الموحدة- وأَشدّ -بفتح الهمزة وتشديد الدال-، وفي بعضها بالرفع [...] الهمزة وبدونها.

126 - (عن أبي إسحاق) هو السبيعي -بفتح السين وكسر الموحدة- حي من همدان، واسم أبي إسحاق هذا: عمرو بن عبد الله (عن الأسود) هو ابن يزيد بن القيس النخعي، خال إبراهيم من العلماء العُباد، قيل: حج ثمانين حجة وعمرة، كل واحدة على الانفراد، وكذا ابنه عبد الرحمن حج واعتمر ثمانين، كل واحدةٍ على الانفراد (قال لي ابن الزبير) هو عبد الله (كانت عائشة تُسِرُّ إليك كثيرًا) هذا موضعُ الدلالة على الترجمة، وكذا الحديث بعده؛ لأن ردّ الكعبة الشريفة إلى الأساس من الأمور المختارة، وإنما ترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك لقصور فهم الناس، لقرب عهدهم بالجاهلية، فتنكر قلوبهم. ومنه عُلم أن جَلْبَ المصالح إنما يكون بَعْدَ دفع المفاسد.

فإن قلتَ: لولا: امتناعية، يجب حذف الخبر بعدها فِلمَ لم يحذف هنا؟ قلتُ: ذاك في الخبر العام كالموجود والذي يرادفه، فإن: لولا، تدل على امتناع الثاني لوجود الأول، ولا دلالة فيها على الخبر الخاص.

(قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا عائشة، لولا أن قومك حديثٌ عهدُهم، قال ابنُ الزبير: بكُفرٍ) أي: مراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله: "لولا قومك حديثٌ عهدهم" هو حداثة العهد بالكفر.

قال بعضُ الشارحين: هذا الحديث متفقٌ بين عائشة وابن الزبير، أوله من عائشة وآخره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015