يَسْتَأْذِنُونَ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَا يَسِيرًا ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِي عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ قَالَ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلاَ فَسَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا. وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَنِى النَّضِيرِ. فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ. قَالَ عُمَرُ تَيْدَكُمْ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ». يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفْسَهُ. قَالَ الرَّهْطُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ قَالاَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ عُمَرُ فَإِنِّى أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْفَىْءِ بِشَىْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ - ثُمَّ قَرَأَ (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ) إِلَى قَوْلِهِ (قَدِيرٌ) - فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ، وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ قَدْ أَعْطَاكُمُوهُ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِىَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِىَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَعَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ حَيَاتَهُ، أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَكُنْتُ أَنَا وَلِىَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يستأذنون؟ فقال: نعم، فجاؤوا وسلموا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما، فقال العباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، فقال الرهط: اقضِ بينهما وأرح أحدهما من الآخر، فقال عمر: تيدكم) -بفتح التاء الفوقانية وسكون الياء- مصدر تئيد على وزن مهوز العين، قلبت همزته ياء، ورواه الأصيلي بكسر التاء وسكون الهمزة، من التؤدة، نصبه على الإغراء، أي: الزموا، وقيل: اسم فعل كرويد.
(إن الله قد خص رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره) استدل على ذلك بالآية، وهو ظاهر (فكانت هذه خالصة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -) يشير إلى الفيء، وأنَّثه باعتبار الأموال (ووالله ما احتازها دونكم) -بالحاء المهملة- يقال: حازه واحتازه، بمعنى، أي: جمعه (فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: القائم مقامه ومتولي أموره (بارٌّ راشد) أي: آت