وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ. وَقَوْلُهُ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ * إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ).
2808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ الْفَزَارِىُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ - رضى الله عنه - يَقُولُ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ. قَالَ «أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ». فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ، فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «عَمِلَ قَلِيلاً وَأُجِرَ كَثِيرًا».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصحف في المصاحف، وإلى قوله: كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها، فإنه كان يحفظ الآية، إلا أنها لم تكن مكتوبة عندَه، ومن لم يهتدِ إلى هذا زعم أن شرط التواتر إنما هو بعد زمن الصحابة، واستدل على ذلك بأن الصحابه إذا سمعوا القرآن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علموا قطعًا أنه قرآن، وهذا الذي قاله ليس بشيء؛ لأن الكلام إنما هو فيمن لم يسمع منه. ألا ترى إلى قول زيد: كنت أسمع رسول الله يَقرأ بها. فلو كان ذلك كافيًا، لم يقل: فقدتُ آية لم أجدها إلا عند خزيمة.
باب عملٌ صالحٌ قبل القتال
(وقال أبو الدرداء: إنما تقاتلون بأعمالكم) الباء للاستعانة، فإن العمل الصالح يعين على القتال، ويقوي الجأش، وهذا مثل الذنوب، فإن الصغائر مقدمات الكبائر.
(وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إلى قوله: {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]) موضع الدلالة قوله: كأنهم بنيان مرصوص، فإنه عمل صالح قبل القتال.
2808 - (شَبَابَة) بفتح الباء المخففة (سَوّار) بفتح السين، وتشديد الواو (الفَزاري) بفتح الفاء.
(أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد) أي: مغطّى، بفتح القاف، وتشديد النون. من القنع وهو الستر، ومنه القناعة (قال: يا رسول الله: أُسْلِمُ أو أُقَاتِل؟ قال: أَسْلِمْ ثُمّ قَاتِل. فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَل فَقُتِل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عَمِلَ قليلًا وأُجِرَ كثيرًا).