فَلَمَّا أَبَى الْكُفَّارُ أَنْ يُقِرُّوا بِأَدَاءِ مَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ) وَالْعَقِبُ مَا يُؤَدِّى الْمُسْلِمُونَ إِلَى مَنْ هَاجَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنَ الْكُفَّارِ، فَأَمَرَ أَنْ يُعْطَى مَنْ ذَهَبَ لَهُ زَوْجٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْفَقَ مِنْ صَدَاقِ نِسَاءِ الْكُفَّارِ اللاَّئِى هَاجَرْنَ، وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ ارْتَدَّتْ بَعْدَ إِيمَانِهَا. وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرِ بْنَ أَسِيدٍ الثَّقَفِىَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا فِي الْمُدَّةِ، فَكَتَبَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُهُ أَبَا بَصِيرٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. طرفه 2713
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن قلت: تقدم أنها تزوجها صفوان بن أمية؟ قلت: تزوجها أحدهما ثم صارت إلى الآخر، ومن الشارحين من أجاب بأن هذه رواية عقيل، وتلك رواية معمر، وخفي عليه أن هذا عين الإشكال فإنه رد لإحدى الروايتين.
(فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم) لقوله تعالى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] (فأنزل الله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] محصله: إنكم إذا أديتم إلى الكفار ما أنفقوا على أزواجهم المسلمات ولم يؤدوا إليكم ما أنفقتم على أزواجكم الكافرات فأعطوا أنتم للذي ذهبت زوجته مثل ما أنفق من المال من بيت المال.
(وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد) بفتح الهمزة (الثقفي، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلمًا، فكتب الأخنس بن شريق) بفتح الشين المعجمة: على وزن كريم (يسأله أبا بصير) ليرده؛ لأن الأخنس ثقفي أيضًا (فذكر الحديث) أي: حديث أبي بصير، وقتله أحد الرجلين، ثم لحوقه سيف البحر.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: ذكر أولًا أن أبا بصير رجل من قريش، وثانيًا أنه ثقفي؟ قلت: تلك رواية أخرى. وخفي عليه أن هذا عين الإشكال، وقد أطلعناك على أنه ثقفي، ولكن حليف قريش. قال ابن عبد البر: حليف لبني زهرة.
فإن قلت: ترجم على الشروط مع الناس بالقول، أين موضع الدلالة في الحديث؟ قلت؟ هو قول سهيل بن عمرو في أبي جندل: يا محمد هذا أوّل ما أُقاضيك عليه، أو هو قول قريش حين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد أبا بصير ومن أتاه فهو آمن.