فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا. فَقَالَ «أَوَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِى. فَاعْتَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا». مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، أَعُدُّهَا عَدًّا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ». وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ فَبَدَأَ بِى أَوَّلَ امْرَأَةٍ، فَقَالَ «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». قَالَتْ قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِكَ. ثُمَّ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ قَالَ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ) إِلَى قَوْلِهِ (عَظِيمًا)». قُلْتُ أَفِى هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ. طرفه 89
2469 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ حَدَّثَنَا الْفَزَارِىُّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ آلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ قَدَمُهُ فَجَلَسَ فِي عِلِّيَّةٍ لَهُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ «لاَ، وَلَكِنِّى آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا». فَمَكُثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ. طرفه 378
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أوفي شك أنت يا بن الخطاب؟) ليس غرضه الاستفهام؛ فإنه قاطع بأن لا شك منه؛ إلا أن كلامه لما كان يشبه كلام الشاكّ ساقه مساقه (من أجل ذلك الحديث) يشرب العسل، وسيأتي ذلك مفصلًا (من شدة موجدته) -بفتح الميم وكسر الجيم- الغضب حين عاتبه الله بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] (الشهر تسع وعشرون) أي: جنس الشهر قد يكون تسعًا وعشرين، وحذف التاء من تسع لكونه وصفًا لليالي؛ فإنها غرر الأَيام (إني ذاكر لك [أمرًا] ولا عليك ألا تعجلي) أي: لا بأس عليك في عدم التعجيل (تستأمري أبويك) أي: تستشيري؛ كأنها تطلب منهما ما يأمران به.
2469 - (الفزاري) هو مروان بن معاوية (انفكت قدمه) أي: خرج مفصله من مكانه.