اللَّيْثِىِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَهْوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ». طرفاه 2573، 2596

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًّا) أي: حى، كما ترجم له (وهو بالأبواء) بفتح الهمزة والمد -مكان بينه وبين المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا، وبه توفيت أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - آمنة.

(أو بودَّان) -بفتح الواو وتشديد الدّال- اسم موضع والشك من الراوي.

(فردّه عليه، فلما رأى ما في وجهه من الكراهة قال: لم نرده عليك إلا أنّا حرم).

فإن قلت: كيف قبله من أبي قتادة وأمر أصحابه المحرمين بأكله وردّه على الصّعب؟ قلت: أجاب النووي بأن أبا قتادة لم يصطد لهم، والصعب إنما اصطاده لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والأحسن أن يقال: إنما ردّه لأنّ الحمار كان حيًّا كما صرّح به في الترجمة، والإجماع على أن المحرم لا يجوز له ملك الصيد، لا شراء ولا هبة ولا إحداث الملك فيه بوجه.

فإن قلت: فقد جاء في رواية مسلم: أنّ الصعب أهدى لرسول - صلى الله عليه وسلم - لحم حمار.

قلت: قال ابن بطال: اختلاف الروايات في حديث صعب يدل على تعدد الواقعة؛ إذ في بعضها: أهدى له حمارًا. وفي بعضها: عضد حمار وفي بعضها: عجز حمار، وفي بعضها: رجله، ومثل هذا لا يمكن إلا بتعدد القضية، وعلى كل تقدير يشكل على أبي حنيفة؛ لأنه يجيز ما لم يصد بأمره، والذي يقطع مادة النزاع ما رواه الترمذي والنسائي من رواية جابر مرفوعًا: "صيد البرّ لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015