. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأرض: الله الله، ويبقى من لا خير فيهم، فعليهم تقوم الساعة" فلفظُ حتى متعلق بلَنْ تزال.
قال بعضهم: فإن قلت: هل يجوزُ تعلُّق (حتى) بلا يضرهم من خالفهم؟ قلتُ: نعم على أن يكون المراد بأمر الله بلاؤه فيضرهم حينئذٍ فما بعد حتى مخالف لما قبلها. هذا كلامه وهو مخالفٌ لغرض الشارع، فإن مراده أن شريعته لا يقع فيها خَلَلٌ كسائر الشرائع، وصرَّح بهذا في الرواية الأخرى: "لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" وأما البلاء فهو موكّل بالمؤمن فلا وجه لقيده بقيام الساعة. ثم قال الشارح المذكور: فإن قلتَ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعةُ حتى لا يقول أحدٌ اللهَ الله" (3) وقال أيضًا: "لا تقوم الساعةُ إلا على شرار الناس"؟ قلنا: هذه الأحاديث لفظها على العموم، والمراد منها الخصوص والمعنى: لا تقوم الساعةُ على أحدٍ يوحّد الله إلا بموضع كذا، فإنه فيه طائفة على الحق، ولا تقوم على شرار الناس بموضع كذا. انظر في هذا كيف تخبط، فإنه جوّز قيام الساعة على طائفة قائمة على الحق مع أنه خلافُ منطوق الحديث، وارتكب تفصيلًا لا دليل عليه بوجهٍ من الوجوه.
قال النووي: قال البخاري: هذه الطائفة هم أهل العلم. وقال الإمام أحمد: إن لم يكونوا أهلَ الحديث فلا أدري مَنْ هم. قال النووي: يحتمل أن تكون هذه الطائفة مفرَّقة بين أنواع المؤمنين، منهم المحدثون، ومنهم الفقهاءُ، ومنهم الزهاد، ومنهم المقاتلون. قلت: هذا الاحتمال بعيدٌ؟ لأن أهل الأصول استدلوا بالحديث على أن الإجماع حجة، والإجماعُ اتفاقُ مجتهدي عصر واحدٍ على حكم شرعي، ووجه دلالة الحديث على ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أن الحق لا يعدوهم، وإذا كانت الطائفة مفترقة فيكون المعنى أن الحق لا يتجاوز تلك الطائفة المفرقة، فلا يبقى للحديث دلالةٌ على صحة الإجماع فتأمل.