وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا». [الحديث 68 - طرفاه في: 70 - 6411]

69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا». [الحديث 69 - طرفه في: 6125]

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قال شيخ الإسلام: والصوابُ: الثوري لأن محمد بن يوسف الفريابي، وإن كان يروي عن السفيانيين إلا أنه إذا أطلق يريد الثوري يرويه (يتخوننا) من الخيانة، والمعنى: كان يتجنب الخيانة في الموعظة، أي: لا يَعظهم إلا في حالة نشاطهم لئلا يفوتهم، قال شيخ الإسلام: والصواب رواية الأعمش بالخاء المعجمة واللام (سفيان) هو ابن عُيينة، فإن محمد بن يوسف عنه يروي (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، مخضرم، أدركَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، من كبار أصحاب ابن مسعود.

(كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بالموعظة) قد تقدم أن الرواية بالخاء المعجمة، وأنه روي بالحاء المهملة. ويتخوننا من الخيانة، وأشرنا إلى معنى هذه الألفاظ (كراهةَ السآمة علينا) أي: المَلاَلة. قال أبو العلاء المعري:

إذا سئمت مهنَّده يَمينٌ ... لطول الحمل بدله شمالًا (1)

69 - (محمد بن بشار) بالموحدة وتشديد المعجمة (أبو التَّياح) بالفوقانية والتحتانية المشددة (يزيد بن حُميد الضُبَعي) بضم الضاد وفتح الموحدة (يسّروا ولا تعسّروا) من التعسير ضد التيسير (وبشروا) من البشارة (ولا تنفروا) من التنفير. والمقابل وإن كان الإنذار لكن لما كان المراد من التنفير آثره عليه، وإنما جمع بين الشيء وضده، مبالغة في الموعظة، واستغراقًا للأزمنة، فإن النهي يدل على التكرار بخلاف الأمر عند المحققين، ونظير هذا ما تقدم في كتابِ الإيمان، من قوله: "الدين يسر" (2) والغرضُ أن الحكمة في وضع العبادات ملاحظة كبرياء الله، وعرض العبودية والافتقار، ومع الإكثار والتشديد يمل الإنسان وإذا مل عبادته كلا عبادة، بل عدمها أحسن، وأفضل من وجودها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015