«اخْرُصُوا». وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا «أَحْصِى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا». فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ «أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ». فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ - وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ - فَلَمَّا أَتَى وَادِىَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ». قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِى فَلْيَتَعَجَّلْ». فَلَمَّا - قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا - أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ «هَذِهِ طَابَةُ». فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ «هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ». قَالُوا

ـــــــــــــــــــــــــــــ

النحاة أن المدار صحة المعنى، فإذا صحّ أخبر بما شئت عمّا شئت.

(قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بتبوك: أمَا إنّه سَيهُبّ الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد فقام رجل فألقته بجبلي طيء) هما جبلان ببلاد طيء، أجأ -بفتح الهمزة بعدها جيم وآخره همزة أيضًا على وزن فرس- وسلمى، ذكر الكلبي أنهما اسمان لرجل وامرأة من قوم عاد، وأورد قصة أعرضنا عنها، فالله أعلم بصحتها.

(وأهدى ملك أيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة بيضاء) أيلة -بفتح الهمزة- مدينة بين مصر ومكة على شاطئ البحر، واسم ذلك الملك قيل: يوحنا -بضم الياء وفتح الحاء وتشديد النون- ابن رؤبة، وفي رواية الإسماعيلي وابن إسحاق: [يحنة بن رؤبة] بضم الراء وفتح الباء الموحدة (وكساه بردًا وكتب له ببحرهم) فاعل كسا وكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والبحر: البلد، كان كتاب أمان؛ فإنه لم يسلم (خرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدل من عشرة أوسق (إني متعجل إلى المدينة فمن أراد منكم أن يتعجل فليتعجل) إنما أذن لهم في ذلك لئلا يظن أن له غرضًا في الإنفراد (قال: هذه طابة) من أسماء المدينة الشريفة، مثل طيبة وكان اسمها في الجاهلية يثرب، فكرهه - صلى الله عليه وسلم - ونهى عن ذكرها بذلك الاسم (فلما رأى أحدًا قال: هذا جبل يحبّنا ونحبّه) قيل: أراد أهل أحد؛ أي: أهل المدينة، والحق أنه محمول على الحقيقة؛ كتسليم الحجر، وإنما خصّه بالذكر وإن كانت الجمادات في حقه سواء إزالة للتشاؤم به لما قتل به أصحابه (خير دور الأنصار) الدور جمع الدار، وهي المحلة؛ لأنها تدور على طائفة من الناس، وهو من إطلاق المحل وإرادة الحالّ؛ إذ لا ريب في أن الخيرية هي لأصحاب الحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015