وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «وَلاَ يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ». (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إِلَى قَوُلِهِ (فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).

1476 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِى تَرُدُّهُ الأُكْلَةُ وَالأُكْلَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِى لَيْسَ لَهُ غِنًى وَيَسْتَحْيِى أَوْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلْحَافًا». طرفاه 1479، 4539

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وأمَّا قوله: وكم الغنى فلم يورد له حديثًا، كأنه لم يجده بشرطه، قال ابن الأثير في "النهاية": من سأل وله أربعون درهمًا فقد سأل إلحافًا. وعن ابن مسعود: خمسون درهمًا. وروي: قدر ما يغديه ويعشيه. والغِنى -بكسر الغين مقصورًا- هو اليسار، ويكتب بالياء، وعليه اتفقت الروايات، قال بعض الشارحين: لو صحت الرواية بفتح الغين والمد كان معناه الكفاية، وهذا سهو؛ لأن الكفاية هي معنى الإغناء، وأمَّا الغناء -بالفتح والمد- هو: النفع، ولا معنى له في الحديث.

(وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ولم يجد غنى يغنيه) هذا بعض حديث أبي هريرة في الباب: "ليس المسكين الذي يطوف على الناس؛ ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يُفْطَن له". (لقوله: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] دليل عليه؛ لأن الآية شرح له، ولذلك أعاد الآية بعد أن صدَّر الترجمة بآخرها، لأنه الحكم الذي استدل عليه بصدر الآية، وما يقال: إن قوله: تعالى علةٌ لقوله: وكم الغنى، فليس كذلك؛ إذ يلزم منه أن تكون الصدقة منحصرة فيمن يكون بهذه الصفة، وليس كذلك؛ بل الآية مسوقة لبيان الأولوية، وأيضًا ليس فيها ما يدل على كمية الغنى.

1476 - (حجاج بن منهال) بفتح الحاء وتشديد الجيم وكسر الميم (محمد بن زياد) بكسر الزاي بعدها ياء (لكن المسكين الذي لا يجد غنى ويستحيي، أو لا يسأل الناس إلحافًا) يجوز أن يكون شكًّا من الراوي، أو لفظ "أو" بمعنى الواو، وهذا أظهرُ لرواية أبي هريرة "ولا يقوم فيسأل الناس" واعلم أن نفي المسكنة عن غيره نفي الكمال؛ أي: ليس كاملًا في المسكنة؛ للإجماع على جواز صرف الزكاة إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015