وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ البُهْمُ فِي البُنْيَانِ، فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ " ثُمَّ تَلاَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: 34] الآيَةَ، ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ: «رُدُّوهُ» فَلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[المائدة: 3] بكى عمرُ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ تَبكِ يا عمرُ؟ " قال لأنا كُنَّا في الازدياد، وبعد أن صار ديننا كاملًا فلا زيادة. قال: "كذلك يا عمر" قال الشاعر:
إذا تمَّ أمرٌ دنا نقصُهُ ... توقع زوالًا إذا قيل تَمْ
وقيل: لأنَّ الإماء يَلدْنَ الملوكَ فتكون الأم من الرعية. وقيل: لأنَّ في آخر الزمان يتغير الشرع، فتباع أمهاتُ الأولاد فيشتريها ولدها، أو تَلِدُ حُرًا من غير سيدها بالوطء شبهةً، أو رقيقًا ثم يعتق فيشتريها، ولا حاجة إلى القيد: بأنه يشتريها وهو لا يدري، لأنَّ الحال في الشراء لا يتفاوت، سواء علم أو لم يعلم. وليس في الحديث ما يفيد الحَصْرَ حتَّى يقال: ليس هذا مخصوصًا بالإماء.
(وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان) الرعاة -بضم الراء- جمع راع كقضاة في قاضٍ. وفي رواية مسلم "رعاء" بكسر الراء بدون التاء. والبُهُم بضم الباء والهاء، ويروى بإسكان الهاء جمع بهيم، وهو الأسود الذي لا يشوب لونَهُ لونٌ آخر. ومنه الليل البهيم أي: المظلم. ويروى بالرفع على أنَّه وصفُ الرعاة. ويُروى "البَهْم" بفتح الباء وسكون الهاء وهو ولدُ الضأن، أُطلِق على الإبل على طريقة الاستعارة. وروى ابن الأثير في "النهاية": "والبهم": بالواو. فعلى هذا حرفُ العطف محذوفٌ في الرّواية الأولى، ويؤيده روايةُ مسلم: "رعاء الشَاءِ". وإنَّما كان هذا من أمارة الساعة، لأنَّ انقلابَ الأحوال، وصيرورة الأذلة أعزةً، دليل على انقلاب الزمان، كقوله في الحديث الآخر: "إذا وُسد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة".
(في خمسٍ لا يعلمهُنّ إلَّا اللهُ) خبر مبتدأ؛ أي: علم الساعة مندرج في هذه الخمس.
واستدل على ذلك بالآية: ({إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}) إلى آخر الآية [لقمان: 34] فإن تقديم