سَجَدَ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَاسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ». وَكَانَ يُحَدِّثُ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - كَانَ يُحَدِّثُ يَوْمَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ إِنَّ أَخَاكَ يَوْمَ خَسَفَتْ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ الصُّبْحِ. قَالَ أَجَلْ لأَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ. أطرافه 1044
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإيثاره لأنه أدل على طول القراءة؛ لأن زيادة المباني لزيادة المعاني (فاستكمل أربع ركعات في أربع سجدات) بخلاف سائر الصلوات، فإنها تكون أربع سجدات في الركعتين، فإنه زاد ركوعين (وتجلت الشمس قبل أن ينصرف) فيه دلالة على أنه يكمل الصلاة بعد الانجلاء (ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله) هذا موضع الدلالة على الترجمة، وهي الخطبة (فافزعوا إلى الصلاة (قال الجوهري: الفزع: الذعر، والمفزع: الملجأ؛ والمعنى: التجئوا إلى الله مسرعين إلى الصلاة.
(كثير بن عباس) الكثير ضد القليل، والعباس: هو عباس بن عبد المطلب، وابنه كثير هذا صحابي صغير، مات بالمدينة أيام عبد الملك. قال ابن [عبد] البر: ليس له صحبة؛ فإنه ولد قبل انتقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دار البقاء بأشهر، يكنى أبا تمام، وكان فقيهًا فاضلًا، وقد غلط فيه من قال عياش -بالياء المثناة والشين المعجمة- (قلت لعروة: إن أخاك يوم خسفت الشمس بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل الصبح؟ قال أجل إنه أخطأ السنة) [أخوه] عبد الله بن الزبير ما فعله ابن الزبير جائز كما هو مذهب أبي حنيفة؛ إلا أنه خلاف الأولى، والسنة إذا أطلقت تكون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قيل: عروة تابعي وأخوه صحابي، فالأولى تقديم قوله.
قلت: عروة روى مرفوعًا ولا رواية لأخيه.
فإن قلت: ليس في الباب ذكر الخطبة؟ قلت: كذلك، وكذلك لم يقل بالخطبة غير الشافعي، ودليل قوله: أثنى على الله، وسيأتي قوله: حمد الله.