ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا، قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالْجِبَالِ وَالآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». قَالَ فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِي الشَّمْسِ. قَالَ شَرِيكٌ فَسَأَلْتُ أَنَسًا أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ قَالَ لاَ أَدْرِى. طرفه 932
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويروى: ستًّا، -بالتاء- من العدد.
فإن قلت: رواية ستًّا ظاهرة؛ لأن من الجمعة إلى الجمعة ستة أيام كوامل، وأما رواية: سبتًا، -بالباء الموحدة- فليست بظاهرة؟ قلت: أجاب ابن الأثير: بأنه أراد قطعة من الزمان؛ لأن السبت لغة هو القطع، أو أراد أسبوعًا كما يقال: عشرون خريفًا؛ أي: سنة. قلت: هذا هو الظاهر الموافق لسائر الروايات، وإيثار السبت لأنه أول الأسبوع أو آخره.
(ثم دخل من ذلك الباب) قيل: يحتمل أن يكون الرّجل الأول. قلت: هو الرجل الأول؛ لما جاء في رواية: فقام أعرابي (ثم قال في الجمعة الأخرى ذلك الأعرابي: هلكت الأموال) أي: الزرع والمواشي [....] مياه (اللهم حوالينا) أي: اجعله حوالينا -بفتح الحاء- يقال: حوله وحواله وحواليه بفتح اللام في الكل (على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر) بدل من حوالينا، والآكام -بفتح الهمزة والمدّ- هو الرواية. قال ابن الأثير: الإكام -بكسر الهمزة- جمع أكمة -بفتح الهمزة- وهي الرابية، والإكمام -بكسر الهمزة- يجمع على أكم -بفتح الهمزة وضم الكاف- والأكم على الآكام -بفتح الهمزة مع المد-، والظراب: الجبال الصغار جمع ظرب على وزن كتف؛ جمع المواضع التي هي محل الانتفاع، ولم يسأل رفع المطر، لأنه رحمة، فلا يلائم الدعاء الرفع، وأيضًا علم أن المقدر كائن (قلت لأنس: أهو الرّجل الأول؟ قال: لا أدري) قد أشرنا أنه ذلك الرجل.
وفي الحديث دليل على جواز الاستقساء بدون الخروج إلى الصحراء، وبدون قلب الرداء، واستقبال القبلة، وفي الحديث معجزتان ظاهرتان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.