فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِى فَارْتَفَعَ، فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ لَهُ غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ. فَقُلْتُ مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لاَ أَعْلَمُ. فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليه. يريد: الأمر بالمعروف. قلت: لم يَبْعُدْ أن يكون قد وقع من رجل آخر ما وقع من أبي سعيد، فاستحسنه أبو سعيد.
وهذا موضع الدلالة على الترجمة؛ فإنه دلّ على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده كانوا يخرجون من غير منبر، قيل: بناه بأمر عثمان لما زاد في المسجد (فخطب قبل الصلاة فقلت: غَيَّرتم والله) أي: سنةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاءَ الراشدين، يريدُ: مروان (فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا، فجعلتها قبل الصلاة) قيل: إنما تركوا الجلوس لهم لأنهم كانوا يذكرون عليًّا بما لا يليق به، ويعرضون ببعض الحاضرين.
فإن قلت: جعلتها قبل الصلاة، يدل على أنه هو الذي بدأ بذلك، وقد روى الشافعي بسنده: أن أول من قدم الخطبة على الصلاة معاوية؟ قلت: معناه جعلتها في المدينة؛ إذ لو لم يفعل معاوية لم يقدر على ذلك مروان.
هذا وقول ابن بطال: أول من قدمها عثمان [بن] عفان. باطل؛ لما روى البخاري عن ابن عباس في باب الخطبة بعد العيد: أنه شاهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كلهم يصلون قبل الخطبة.
وفي الحديث دلالة على أن للرعية الأمر بالمعروف إذا رأوا منكرًا من الأمراء بما قدروا عليه، وفيه فضل التمسك بالسنة، وجواز الخطبة بدون المنبر، واستحباب الخروج إلى المصلى. والحديث حجة على الشافعي في قوله: المسجد أولى. وعند الإمام أحمد يُكره في المساجد إلا لعذر.