وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ لِلثَّانِيَةِ فَقَامَ الَّذِينَ سَجَدُوا وَحَرَسُوا إِخْوَانَهُمْ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا مَعَهُ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلاَةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ كَانَ تَهَيَّأَ الفَتْحُ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلاَةِ صَلَّوْا إِيمَاءً كُلُّ امْرِئٍ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الإِيمَاءِ أَخَّرُوا الصَّلاَةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ القِتَالُ أَوْ يَأْمَنُوا، فَيُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا صَلَّوْا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا لاَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أولًا؛ فالناس كلهم في الصلاة، وهذا إنما يتأتى إذا كان العدو من ناحية القبلة، وقد جاء عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى كذلك في غزوة ذي قرد. وقال بها الشافعي وأحمد دون مالك وأبي حنيفة؛ لأنها تخالف قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] وليس لهما دليل في ذلك؛ لأن ذلك إذا لم يكن العدو في جهة القبلة، وكان ذلك سبب النزول فتبين فيه كيفية الصلاة في تلك الواقعة، فلا ينافي هذه الكيفية، إذ لا تعرض الآية لها لا نفيًا ولا إثباتًا، وهذه الصلاة صلاها بعسفان. رواه أبو داود والنسائي والحاكم وغيرهم.
فإن قلت: إذا دخل الناس كلهم معه في الصلاة، وحرست طائفة، وصلى بطائفة ركعة؛ ثم حرسوا، وصلى بالطائفة الأخرى الركعة الأخرى؛ فما معنى قوله: وأتت الطائفة الأخرى؟ قلت: معناه: تتقدم الطائفة المتأخرة؛ وتتأخر الطائفة المقدمة؛ فهذا معنى قوله: أتت.
باب الصلاة عند مناهضة الحصون
النهوض القيام. قال الجوهري: المناهضة: المقاومة، تناهض القوم في الحرب إذا نهض كل فريق إلى صاحبه (وقال الأوزاعي) بفتح الهمزة (إن كان تهيأ الفتح) أي: قرب (صلوا إيماءً) في حال القتال (فإن لم يقدروا صلّوا ركعة وسجدتين) لم ياخذ بهذا [أحد] من الأئمة.