24 - محمد الفناري: محمد بن محمد، العالم الفاضل، المولى زين الدين. وقيل: زين العابدين الفناري الرومي الحنفي أول قضاة القضاة بدمشق من الدولة العثمانية. قرأ على علماء عصره منهم الفاضل ابن " عمه " المولى علاء الدين الفناري، ثم وصل إلى خدمة المولى العالم ابن المعرف معلم السلطان أبي يزيد بن عثمان، ثم تنقلت به الأحوال حتى صار قاضياً بدمشق، ثم بحلب قال في الشقائق النعمانية: كان عالماً فاضلاً ذكياً صاحب طبع وقاد، وذهن نقاد، وكان قوي الجنان، طلق اللسان، صاحب مروءة وفتوة، محباً للفقراء والمساكين. يبرهم ويرعى جانبهم، وكان في قضائه مرضي السيرة محمود الطريقة. انتهى.

وذكر الشيخ شمس الدين بن طولون أن سيرته بدمشق كانت أحسن منها بحلب. قلت: حتى قال فيه شيخ الإسلام الجد رحمه الله تعالى حين كان قاضياً بالشام:

أحب السادة الأروام لما ... أقاموا الشرع واتخذوه دينا

وإن تسأل عن العباد منهم ... فقاضي الشام زين العابدينا

وذكر ابن الحنبلي وابن طولون في تاريخهما هفوة صدرت منه حين كان قاضياً بحلب، وهي أن البدر بن السيوفي مفتي حلب وعالمها عقد بعض الأنكحة في أيام توليته بها، ولم يستأذن منه بناء على ما كان يعهده في دولة الجراكسة من عدم توقف عقود الأنكحة على أذن القضاة إذ لا يفتقر إلى إذنهم شرعاً، ولأنهم كانوا لا يأخذون عليها رسماً، فلما بلغ صاحب الترجمة أمر الشيخ بدر الدين السيوفي أن يستأذنه إذا أراد أن يعقد نكاحاً لأحد ليأخذ ما عليه من الرسم، فلم يبال الشيخ بذلك، وعقد لواحد نكاحاً من غير استئذان، فبعث إليه من أحضره إلى بابه ماشياً، فلما دخل عليه شتمه، ثم أمر به أن يكون في بيت محضر باشي تلك الليلة، وهم أن يوقع به ما لا يليق لولا أن الله تعالى دفعه عنه، ولم تمض على الشيخ بدر الدين مدة قليلة حتى مات قهراً بسبب ذلك، ثم مات صاحب الترجمة بعده بمدة يسيرة، وهو قاضي حلب في أول ربيع الأول سنة ست وعشرين وتسعمائة - عفا الله تعالى عنه -، وكان قد بعث، أولاقاً إلى دمشق ليأتي بالرئيس شمس الدين بن مكي ليعالجه، وبعث له معه أربعة آلاف درهم ليستخرج منها، فوصل أولاق إلى دمشق في رابع ربيع الأول المذكور، فذهب الأولاق بالرئيس المذكور إلى حلب، فوجدوا صاحب الترجمة قد توفي يوم الأحد مستهل ربيع، فسبحان الباقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015