فَأُمِرَ بِلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ وَأَنْ يُوتِرَ الإِقَامَة
581 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للوقت واجتماعهم فذكر طائفة منهم إيقاد النار لظهورها أو ضرب الناقوس لصوته وذكر آخرون أن النار شعار اليهود والناقوس شعار النصارى فلو اتخذنا أحد الأمرين شعاراً لا لتبس أوقاتنا بأوقاتهم أو لشابهناهم ونحو ذلك فذكر بعده عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رؤياه في الأذان ووافقه عمر رضي الله عنه ونزل الوحي على وفقها أو أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك باجتهاده لجواز الاجتهاد له على مذهب الجمهور. قوله (أمر) بضم الهمزة أي أمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال بعضهم مثل هذا اللفظ موقوف لاحتمال أن يكون الآمر غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والصواب وعليه الأكثر أنه مرفوع لأن إطلاق مثله ينصرف عرفاً إلى صاحب الأمر والنهي وهو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأيضاً مقصود الراوي بيان شرعيته وهي لا تكون إلا إذا كان الأمر صادراً من الشارع. قوله (يشفع) بفتح الياء والفاء أي يأتي بألفاظه مثناة (ويوتر الإقامة) أي يأتي بها فرادى ى والإقامة هي الإعلام بالشروع في الصلاة بالألفاظ التي عينها الشارع وامتازت عن الأذان بلفظ الشروع والتمييز بهذا اللفظ خير من التمييز بلفظ فرادى ليشمل الامتياز على جميع المذاهب لأن الحنفي لا يقول بأفراد ألفاظها بل بتثنيتها. فإن قلت ظاهر الأمر للوجوب لكن الأذان سنة. قلت ظاهر صيغة الأمر له لا ظاهر لفظه يعني أمر وههنا لم يذكر الصيغة. سلمنا أنه للإيجاب لكنه لا يجاب الشفع لا لأصل الأذان ولا شك أن الشفع واجب ليقع الأذان مشروعاً كما أن الطهارة واجبة لصحة صلاة النفل. ولئن سلمنا أنه لنفس الأذان يقال أنه فرض كفاية لأن أهل بلدة لو اتفقوا على تركه قاتلناهم والإجماع مانع عن الحل على ظاهره وذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء أحدها إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد والأعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة. وأقول وفي اختيار القول دون شئ آخر حكمة عظيمة وهي أن القول كيفية تعرض للنفس الضروري فالإعلام به أسهل لذلك ولعدم الاحتياج إلى آلة وأداة وأنه ميسر لكل أحد غنياً وفقيراً في كل زمان ومكان سهلاً وجبلاً براً وبحراً (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) والحمد لله على ذلك. ثم الحكمة في إفراد الإقامة وتثنية الأذان أن الأذان لإعلام الغائبين فيكرر ليكون أبلغ في إعلامهم والإقامة للحاضرين فلا حاجة إلى تكرارها وإنما كرر لفظ الإقامة لأنها هي المقصود فيها فإن قلت لفظ الله أكبر أيضاً مكرر. قلت صورته مكررة لكنها بالنسبة إلى الأذان إفراد ولهذا قال أصحابنا يستحب للمؤذن أن يقول كل تكبيرتين بنفس واحد فيقول في أوله الله أكبر الله أكبر بنفس