أَبَدًا، وَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَاخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا. قَالَ يَعْنِى حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا. فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مَرَّاتٍ. فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَمَضَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(وأيم الله) همزته همزة وصل وقيل لا يجوز فيها القطع عند الأكثر وهو مبتدأ خبره محذوف أى ايم الله فسمى وتحقيقه مر فى باب الصعيد الطيب وضوء المسلم. قوله (صارت) أى الأطعمة أو البقية (وأكثر) بالمثلثة وفى بعضها بالموحدة (ولامرأته) أى أم عبد الرحمن و (فراس) بكسر الفاء وخفة الراء وبالمهملة وقال كذلك لأنها بنت دهمان أى بضم المهملة وسكون الهاء أحد بنى فراس بن غنم بن مالك بن كنانة واسمها زينب وهى مشهورة بأم رومان بضم الراء وسكون الواو وفى نسبها اختلاف كثير ذكره ابن الأثير. قال النووى: معناه يا من هى من بنى فراس (وقرة العين) يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان , قيل إنما قيل ذلك لأن عينه تقر لبلوغه أمنيته فلا يستشرف لشىء فيكون مشتقا من القرار وقيل مأخوذ من القر بالضم وهو البرد أى عينه باردة لسرورها وعدم تقلقلها. قال الأصمعى: أقر الله عينه أى ابرد دمعه لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة. قال الداودى: أرادت بقرة عينها النبى صلى الله عليه وسلم فأقسمت به ولفظة (لا) زائدة ولها نظائر مشهورة ويحنمل أنها نافية وثمة محذوف أى لا شىء غير ما أقول وهو وقرة عينى لهى أكثر منها أو لا أعلم. قوله (يمينه) وهى التى قال والله لا أطعمه أبدا. فإن قلت ما الفائدة فى تكرار ثم أكل وليس ثمة أكلان واحد. قلت لما كان الأول مبهما أراد رفع الإبهام بأنه أكل لقمة واحدة فهو بيان. فإن قلت كيف جاز له خلاف اليمين. قلت لأنه إتيان بالأفضل قال صلى الله عليه وسلم ((من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذى هو خير وليكفر عن يمينه)) أو كان مراده لا أطعمه معكم أو فى هذه الساعة أو عند الغضب وهذا مبنى على أنه هل يقبل التقييد إذا كانت الألفاظ عامة وعلى أن الاعتبار بعموم اللفظ أو بخصوص السبب. قوله (فأصبحت)