الْفَلاَحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِىَّ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَىَّ. وَقَالَ إِنِّى قُلْتُ مَقَالَتِى آنِفاً أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَانِ هِرَقْلَ. رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

من الحرم وظهر على الناس. و (المعشر) هم الجمع الذين شأنهم واحد فالإنس معشر والجن معشر والأنبياء معشر وأما (الفلاح) فالفوز والنجاة ويقال ليس شئ أجمع لخصال الخير من لفظ الفلاح وتقديراً لكلام هل لكم رغبة في الفلاح وثبات الملك؟ وأما (الرشد) فيقال بضم الراء وسكون الشين وبفتحهما لغتان وهو خلاف الغي والرشد إصابة الخير وقال الهروي هو الهدى وهو الدلالة الموصلة إلى البغية. قوله: (فتبايعوا) هو في أكثر الأصول من البيعة وحذف النون منه لأنه مثل "هل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا" وفي بعضها من المتابعة وهو الاقتداء وفي بعضها فبايعوا بصيغة الأمر من البيعة وفي بعضها فنبايع بالنون. قوله: (فحاصوا) بالحاء والصاد المهملتين أي نفروا ويقال جاض بالجيم والضاد المعجمة بمعنى حاص وقيل معناه عدل وقال أبو زيد معناه بالحاء رجع وبالجيم عدل. قوله: (أيس) وفي بعضها يئس وهو الأصل إذ أيس مقلوبه. و (آنفاً) أي قريباً أو هذه الساعة والأنف أول الشئ وهو بالمد والقصر والمد أشهر. و (أختبر) أي أمتحن و (شدتكم) أي رسوخكم في دينكم. و (فقد رأيت) أي شدتكم. و (آخر) بالنصب هو الصحيح من الرواية وهو آخر شأنه أي في حال النبي صلى الله عليه وسلم وقصته وقد ذكر البخاري حديث هرقل في كتابه في عشرة مواضع والله أعلم. قوله: (رواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري) يعني هؤلاء الثلاثة تابعوا ووافقوا شعيباً في رواية هذا الحديث عن الزهري ومثله يسمى بالمتابعة وفائدتها التقوية والتأكيد والترجيح بكثرة الرواة وهذا هو المتابعة المقيدة لأنه سمي المتابع عليه وهو الزهري ولو لم يسم لكان النوع الآخر من المتابعة أي المطلقة ثم أعلم أن هذه العبارة تحتمل وجهين أن يروي البخاري عن الثلاثة بالإسناد المذكور أيضاً كأنه قال أخبرنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا هؤلاء الثلاثة عن الزهري وأن يروى عنهم بطريقٍ آخر كما أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015