قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى طَلْحَةَ «الْتَمِسْ غُلاَماً مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى». فَخَرَجَ بِى أَبُو طَلْحَةَ، يُرْدِفُنِى وَرَاءَهُ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّمَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ». فَلَمْ أَزَلْ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَقْبَلْنَا مِنْ خَيْبَرَ، وَأَقْبَلَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قَدْ حَازَهَا، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُحَوِّى وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ أَوْ بِكِسَاءٍ، ثُمَّ يُرْدِفُهَا وَرَاءَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ صَنَعَ حَيْساً فِى نِطَعٍ، ثُمَّ أَرْسَلَنِى فَدَعَوْتُ رِجَالاً فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِكَ بِنَاءَهُ بِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى إِذَا بَدَا لَهُ أُحُدٌ قَالَ «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ». فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وبالموحدة و (أبو طلحة) اسمه زيد بن سهل زوج أم أنس و (الهم والحزن) بمعنى واحد وقيل الهم لما تصوره العقل من المكروه الحالي والحزن لمكروه وقع في الماضي و (العجز) ضد القدرة و (الكسل) التثاقل عن الأمر ضد الخفة و (الخبل) ضد الكرم و (الجبن) ضد الشجاعة و (ضلع الدين) بالفتحتين ثقله وشدته واعلم أن أنواع الفضائل ثلاثة: نفسية وبدنية وخارجية والنفسية ثلاثة: بحسب القوى الثلاث التي للإنسان العقلية والغضبية والشهوية فالهم والحزن مما يتعلق بالعقلية والجبن بالغضبية والبخل بالشهوية والعجز والكسل بالبدنية والثاني عند سلامة الأعضاء وتمام الآلات والأول عند نقصان عضو كما في الأعمى والأشل والضلع والغلبة بالخارجية والأول مالي والثاني جاهي فهذا الدعاء من جوامع الكلم له - صلى الله عليه وسلم -. قوله (صفية بنت حيي) بضم المهملة وخفة التحتانية الأولى المفتوحة وشدة الثانية و (حازها) بالمهملة والزاي اختارها من الغنيمة وكل من ضم إلى نفسه شيئاً فقد حازه و (يحوي) أي يجمع ويدور و (القباء) ضرب من الأكسية و (الصهباء) بفتح المهملة وبالمد موضع و (النطع) فيه أربع لغات و (يحبنا) الظاهر