التحريف والفساد وحفظوها عن التصحيف والنقص والازدياد, وكلّما عرض لهم ولها شيء من الفترة, ردّ الله لها الكرّة, وأكمل لهم المعونة والنصرة حتى وصلت إلينا صافية المشارع ضافية المدارع , ورياض صحائفها تصبح ممرعة وحياض لطائفها تضحى مترعة, فعظّم الله تعالى أقدارهم الفاخرة, ورفع أخطارهم الشريفة في الآخرة, وأعلى درجاتهم في أعلى علّيين مع الذين انعم عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداءِ والصالحين وإنما قصدت بذلك إظهار احتياج هذا الكتاب_ الذي هو ثاني كتاب الله تعالى_ إلى شرحٍ مكمّل للفوائد شامل للعوائد عام المنافع تامّ المصالح , جامع لشرح الألفاظ اللغوية الغريبة, ووجه الأعاريب النحوية البعيدة وبيان الخواص التركيبية واصطلاحات المحدثين ومباحث الأصوليين, والفوائد الحديثية والمسائل الفقهية, وضبط الروايات الصحيحة, وتصحيح أسماء الرجال وألقاب الرواة وأنسابهم وصفاتهم, ومواليدهم ووفياتهم, وبلادهم ومروياتهم, والتلفيق بين الأحاديث المتنافية الظواهر, والتوفيق بينها وبين التراجم المستورة عن أكثر الضمائر, ولتوضيح ما صعب من سلوك مناهجها, وتبيين ما لم يظهر من مقدماتها ونتائجها , وتليين ما لم يذلل من صفاتها, ولم يخضع للفهم رقابها وبعض عويصاتها, مما جعل جنابها عن أن يكون شريعة لكل وارد, أو يطلع عليه إلاّ واحد بعد واحد, فاستخرت الله تعالى واستعنت به في تأليف شرح موصوف بالصفات وزيادة, معروف بإفادة ذلك ونعم الإفادة مع اعترافي بالقصور وقلّة البضاعة, والفتور وقصر الباع في هذه الصناعة, فتصديت لذلك وشرحت مفردات اللغة الغير الواضحة, وذكرت توجيه الإعرابات النحوية الغير اللائحة, وتعرّضت لبيان خواصّ التراكيب, بحسب علم المعاني وإظهار أنواع التصرفات البيانية, من المجاز والاستعارة, والكناية والإشارة, إلى ما يستفاد منها من القواعد الكلامية, من أصول الفقه, من العام والخاص والمجمل والمبيّن وأنواع الأقيسة الخلافية والخطابية , والمسائل الفقهية والمباحث الفروعية ومن الآداب والدقائق ونحوها, ولما يتعلق بعلوم الحديث واصطلاحات المحدثين من المتابعة والاتصال, والرفع والإرسال والتعليلات وغيرها, وتصحيح الروايات واختلاف النسخ وترجيحها والتعرض لأسماء الرجال وتعجيم ألفاظها وتوضيح ملتبسها, وتكشيف مشتبهها وتبيين مختلفها ,وتحقيق مؤتلفها وأنسابهم وألقابهم وبلادهم ووفياتهم إلى آخر تراجمهم, ولفقت بين الأحاديث التي بحسب ظواهرها متنافية, والأخبار التي بادئ الرأي مقتضياتها متباينة, وبينت مناسبة الأحاديث التي في كل باب لما ترجم عليه, ومطابقتها بما عقد له وأشير إليه، وهو قسم عجز عنه الفحول البوازل (?) في الأعصار، والعلماء الأفاضل من الأنصار فتركوها واعتذروا عنها